للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

أيضًا: الحُكم وفصل القضاء (١)، وكذا: الإحكام والإتقان والإصابة (٢)، والفقه في دين الله واتِّبَاعه مانعٌ من الجهل والظلم والخلل. وقد استشهد مالك (ت: ١٧٩) على هذا المعنى بقوله تعالى ﴿يَايَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا﴾ [مريم ١٢]، وقوله ﴿وَلَمَّا جَاءَ عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُم بِالْحِكْمَةِ﴾ [الزخرف ٦٤] (٣)، وقد جاءت "الحكمة" في أكثر الآيات بِهذا المعنى، كما في قوله تعالى ﴿رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ﴾ [البقرة ١٢٩]، وقوله ﴿وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا﴾ [النساء ١١٣]، وقوله تعالى لنبيه عيسى ﴿وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ﴾ [المائدة ١١٠]، وقوله ﴿ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ﴾ [الإسراء ٣٩]، وقوله تعالى لأزواج نبيه ﴿وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ﴾ [الأحزاب ٣٤]، وقوله تعالى عن داود ﴿وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ﴾ [ص ٢٠]، ثُمَّ هو معنىً صحيحٌ في السياق، فالفقه في الدين خيرُ ما يُؤتى العبد، ويشهد له من السنة قوله : (من يُرِد الله به خيرًا يُفَقِّه في الدين) (٤).

* الحكم على الاستدراك:

الحِكمَةُ عند العرب: ما مَنَعَ من الجهل (٥). ولا يكون ذلك إلا بعلم وفهم، والعلم الممدوح في هذه الآية وفي غيرها من كتاب الله هو علم القرآن والفقه في الدين، ومن ثَمَّ دارت تفاسير السلف للحكمة حول هذا المعنى: (الإتقان وإصابة


(١) ينظر: جامع البيان ٣/ ١٢٥.
(٢) ينظر: الزاهر، لابن الأنباري ١/ ١٠٩، وتهذيب اللغة ٤/ ٧١، والمحرر الوجيز ١/ ٣٦٤.
(٣) تفسير ابن وهب ٢/ ١٣٠ (٢٥٧).
(٤) أخرجه البخاري في صحيحه ١/ ١٩٧ (٧١)، ومسلم في صحيحه ٣/ ١٠٥ (١٠٣٧).
(٥) ينظر: الزاهر، لابن الأنباري ١/ ٣٩٧، ومعاني القرآن، للنحاس ١/ ٢٩٨، والغريبين ٢/ ٤٧٧، ومشارق الأنوار ١/ ٣٠٣، والجامع لأحكام القرآن ٣/ ٢١٤.

<<  <   >  >>