للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

خامسًا: أن الصحابة كانوا يتأولون القرآن على لغتهم، فإذا أشكل عليهم منه شيء سألوا رسول الله فبيّنه لهم، وهذا يحدد نوع ما فسّرَه رسولُ الله من القرآن للصحابة ، وهو ما أشكل عليهم، واحتاجوا فيه إلى بيانٍ من النبي وهو قليل (١). وسيتبيّن ذلك بوضوح في غيرما استدراك نبوي فيما يأتي- إن شاء الله تعالى-، وأما ما فسّرَه مباشرة بلا سؤال أو استشكال فهو أقلّ ممّا سُئِلَ عنه.

* * *

[٢] ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾ [البقرة ١٨٧].

عن عدي بن حاتم قال: لَمّا نزلت (٢) ﴿حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾ [البقرة ١٨٧] عَمَدت إلى عِقال أسود، وإلى عقال أبيض، فجَعلتُهما تحت وِسادَتي، فجعلت أنظر في الليل فلا يستبينُ لي، فَغَدَوتُ على رسول الله ، فَذَكرتُ له ذلك فقال: (إنما ذلك سواد الليل وبياض النهار) (٣).


(١) ينظر: جامع البيان ١/ ٦٠، والتفسير اللغوي (ص: ٦٤).
(٢) ظاهرها أن عديًّا شهد نزول الآية، وهذا لا يتفق مع تأخر إسلامه بالنسبة لِنُزُول آيات الصوم في أوائل الهجرة، فإما أن يُقال بتأخر نزول هذه الآية عن نزول فرض الصوم، وهذا قال عنه ابن حجر (ت: ٨٥٢): (بعيد جدًا)، وإما أن يُؤَوَّل قول عديّ: (لَمَّا نزلت) أن المراد: لمّا بلغني نزول الآية. أو: لما نزلت الآية ثم قدمت فأسلمت وتعلمت الشرائع. وفي لفظ لأحمد من طريق مجالد: (علمني رسول الله الصلاة والصيام، فقال: صَلِّ كذا، وصُمْ كذا، فإذا غابت الشمس فكل حتى يتبين لك الخيط الأبيض من الخيط الأسود، قال: فأخذت خيطين .. ) الحديث. ينظر: فتح الباري ٤/ ١٥٨، والتحرير والتنوير ٢/ ١٨٢. وهذا على عادة الصحابة والتابعين في التعبير بلفظ النُّزول وإرادة ما هو أوسع من سبب النُّزول. وينظر: مجموع الفتاوى ١٣/ ٣٣٨، والبرهان في علوم القرآن ١/ ٥٦، والفوز الكبير في أصول التفسير (ص: ٩٥).
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه ٤/ ١٥٧ (كتاب ٣٠ - الصوم، باب ١٦ - قول الله تعالى ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾، برقم: ١٩١٦)، ومسلم في صحيحه ٣/ ١٦٣ (كتاب ١٣ - الصيام، باب ٨ - بيان أن الدخول في الصوم يحصل بطلوع الفجر، برقم: ١٠٩٠).

<<  <   >  >>