للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٤٩] ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [النور ٢].

عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر (١)، أن عبدَ الله بن عمر حَدَّ جاريةً له، فقال للجالد، وأشارَ إلى رجلها وإلى أسفلها. قلت: فأين قول الله ﴿وَلا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ﴾ [النور ٢]؟ قال: (إن الله لم يأمرني أن أقتلها، ولا أن أجلد رأسها، وقد أوجعتُ حيث ضربتُ) (٢).

* تحليل الاستدراك:

فَسَّرَ عبيدُ الله النهي عن الرأفة في الآية بترك الإيجاع في الضرب، وعدم الاشتداد فيه، فأنكر إشارَةَ أبيه للجالد بالتخفيف، ومُعْتَمَده في هذا الفهم النهي العام في الآية، فكلمة "رأفةٌ" نكرةٌ في سياق النهي تفيد العموم. ويُؤَيِّدُه انتظام حكم الآية بذلك؛ فيجتمع بذلك ذكرُ عَدَدِ الحَدِّ وَصِفَتُه، فالعدد مئةٌ كما في أوَّل الآية، وصِفَتُها بلا رأفةَ فيها. ثُمَّ هو مُقتَضى الحَزم في أمر الله، فالشِّدَّةُ في إقامة الحدود من تمام الامتثال، ويعقبها الردع عنها، وهو من مقاصد الحدود المعلومة، قال تعالى ﴿يَايَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ﴾ [مريم ١٢].


(١) عبيد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي، أبو بكر المدني، ثقة، مات (قبل ١٠٦). ينظر: الكاشف ٢/ ٢٢٨، والتقريب (ص: ٦٤١).
(٢) أخرجه إسماعيل بن إسحاق في أحكام القرآن (ص: ١٥٦) (٢٣٣)، وعبد الرزاق في المصنف ٧/ ٣٧٦ (١٣٥٣٧)، وابن جرير في تفسيره ١٨/ ٨٨ (١٩٤٦٠)، وابن أبي حاتم في تفسيره ٨/ ٢٥١٨ (١٤٠٩٥)، والثعلبي في التفسير ٧/ ٦٣، والبيهقي في السنن ٨/ ٢٤٥ (١٦٨٨٦)، وعزاه السيوطي في الدر ٦/ ١١٧ لعبد بن حميد، وابن المنذر. من طريق نافع بن عمر، وابن جريج، عن ابن أبي مليكة، عن عبيد الله بن عبد الله.
وإسناده صحيح.

<<  <   >  >>