للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

* تحليل الاستدراك:

اتفقت كلمة عمر وابن عباس على جاهلية نهى الله تعالى أزواج النبي أن يتبرجنَ تبرجَ النساء فيها، ثم استشكل عمر لفظة ﴿الأُولَى﴾ [الأحزاب ٣٣]، وقال: (هل كانت إلا واحدة؟)، أي أن هذه اللفظة وصفٌ كاشف لا مفهوم له، كما في قوله تعالى ﴿عَادًا الأُولَى﴾ [النجم ٥٠]، فأجاب ابن عباس بأنه: ما من أولى إلا ولها آخرة، وأن لهذه اللفظة مفهوم معتبر، وهو جاهلية تأتي بعد ذلك، لها صفاتٌ وأخلاقٌ من الجاهلية الأولى، ومنها التبرج الذي نهى الله عنه أزواج رسوله . فتنبه لذلك عمر واستعاد مقالة ابن عباس، فأعادها عليه، فطلب عمر من ابن عباسٍ نظير هذا الأسلوب في كتاب الله تعالى؛ ليزداد طمأنينة إلى هذا القول، فقرأ له ابن عباس قوله تعالى ﴿وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ﴾ [الحج ٧٨]، وزاد: (كما جاهدتم أول مرة) (١)، قال الرازي في بيان معناها: (أن يجاهدوا آخِرًا، كما جاهدوا أولًا؛ فقد كان جهادهم في


(١) الأقرب أنها قراءة عنده، وهي شاذة، أخرجها المحاسبي في فهم القرآن (ص: ٤٠١)، ونسبها لمصحف عائشة، ونقلها ابن الجوزي في نواسخ القرآن (ص: ٣٦) عن ابن أبي داود بإسناده. وورد نحوها عن عمر ، وعزاها السيوطي في الدر ٦/ ٧٢ لابن مردويه، والبيهقي في الدلائل. وسياق ابن عباس لها في معرض الاستدلال من كتاب الله يقوي جعلها قراءة عنده، خاصة أنها معلومة عند عمر .

<<  <   >  >>