للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

* تحليل الاستدراك:

في سؤال السائل عن هذه الآيات تخصيص لها في بني إسرائيل، ومآخِذُ هذا التخصيص هي: أولًا: سبب النُّزول، فعن البراء بن عازب قال: (مُرَّ على النبي بيهودي مُحَمَّمًا (١) مَجْلودًا، فدعاهم فقال: هكذا تجدون حدَّ الزاني في كتابكم؟ قالوا: نعم. فدعا رجلًا من علمائهم، فقال: أنشدك بالله الذي أنزل التوراة على موسى، أهكذا تجدون حدَّ الزاني في كتابكم؟ قال: لا، ولولا أنك نشدتني بهذا لم أخبرك، نجده الرَّجم؛ ولكنه كَثُر في أشرافنا، فكنا إذا أخذنا الشريف تركناه، وإذا أخذنا الضعيف أقمنا عليه الحد، قلنا تعالوا فلنجتمع على شيء نقيمه على الشريف والوضيع، فجعلنا التحميم والجلد مكان الرجم. فقال رسول الله : اللهم إني أول من أحيا أمرك إذ أماتوه. فأمر به فَرُجم، فأنزل الله ﷿ ﴿* يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ﴾ [المائدة ٤١]، إلى قوله ﴿إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ﴾ [المائدة ٤١]، يقول: ائتوا محمدًا ، فإن أمركم بالتحميم والجلد فخذوه، وإن أفتاكم بالرجم فاحذروا، فأنزل الله تعالى ﴿وَمَنْ لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾ [المائدة ٤٤]، ﴿وَمَنْ لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [المائدة ٤٥]، ﴿وَمَنْ لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ [المائدة ٤٧]، في الكفار كلها) (٢). وعن ابن عباس أنها نزلت في حَيَّي يهود في المدينة؛ بني النضير وبني قريظة، إذ كانت الأولى تشرف وتعتز على الثانية فلا تتساويا في الدية، فعَزَّت الثانية بمبعث رسول الله وتحكيمه، فتحاكمتا


(١) التحميم: تسويد الوجه بالحُمَم، وهو الفحم. ينظر: شرح النووي على مسلم ٤/ ٣٥٣.
(٢) أخرجه مسلم في صحيحه ٤/ ٣٥٢ (١٧٠٠)، وقريبٌ منه عند البخاري في صحيحه ١٢/ ١٧٢ (٦٨٤١)، ومسلم في صحيحه ٤/ ٣٥١ (١٦٩٩)، عن ابن عمر .

<<  <   >  >>