للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٥٦] ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ [الأعراف ٢٠٤].

عن طلحة بن عبيد الله بن كَرِيز (١) قال: رأيت عبيد بن عمير (٢) وعطاء بن أبي رباح يتحدثان والقاصُّ (٣) يقُصّ، فقلت: ألا تستمعان إلى الذكر، وتستوجبان الموعود؟ قال: فنظرا إلي، ثم أقبلا على حديثهما. قال: فأعدت فنظرا إلي، ثم أقبلا على حديثهما، قال: فأعدت الثالثة، قال: فنظرا إلي فقالا: إنَّما ذلك في الصلاة ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا﴾ [الأعراف ٢٠٤]. (٤)

* تحليل الاستدراك:

ذهب طلحة بن عبيد الله إلى لزوم الاستماع للقرآن، والإنصات له حيثما قُرِئ، ولذلك كرَّرَ على صاحبيه باستنكار، ورَغَّبَهُما في الإنصات بقوله: (وتستوجبان الموعود)، أي: الرحمة الموعود بها من استمع وأنصت للقرآن حين يُتلَى. واعتمد في ذلك على ظاهر لفظ الآية العام، قال النحاس (ت: ٣٣٨): (وفي اللغة يجب أن يكون- أي: الإنصات- في كل شيء، إلا أن يدل دليل على اختصاص شيء) (٥). وفي سِبَاقِ الآية من أوصافِ القرآن ما يستوجب الاهتمام به، والإنصات له، قال تعالى ﴿قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا


(١) طلحة بن عبيد الله بن كَرِيز الخزاعي، أبو المطرف، ثقة. ينظر: الكاشف ٢/ ٤٤، والتقريب (ص: ٤٦٤).
(٢) الليثي، من مفاخر التابعين وساداتهم، تقدمت ترجمته في الاستدراك رقم (٢٨) (ص: ١٦٤).
(٣) هو من يقصُّ على الناس ما يرقق قلوبَهم. ينظر: أساس البلاغة ٢/ ٨٣، والنهاية في غريب الحديث ٤/ ٦٢.
(٤) أخرجه ابن جرير في تفسيره ٩/ ٢١٦ (١٢١٠٣)، والثعلبي في تفسيره ٤/ ٣٢١. من طريق حميد بن مسعدة، عن بشر بن المفضل، عن الجَريري سعيد بن إياس، عن طلحة بن عبيد الله.
وإسناده حسن.
(٥) إعراب القرآن ٢/ ٨٧، وينظر: البحر المحيط ٤/ ٤٤٨، وفتح القدير ٢/ ٤٠٢.

<<  <   >  >>