للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

أمَّا بقيةُ الأقوال الثلاثة فهي من قبيل اختلاف التنوع، الذي يُعبِّر فيه كُلُّ مفسر عن بعض معنى اللفظ لا على سبيل التخصيص، فقد جعل الله تعالى للرجل من زوجته صنفين من النِّعَم: البنين، والحفدة، فالبنين مُباشرةً، والحَفَدَةُ تَسَبُّبًا، فيكون منها على التفصيل: البنين، وأولادهم، والأصهار، وأولاد الزوجة من غير زوجها.

ويدلّ على هذا الجمع وروده مع تنوُّعِه عن المفسر الواحد، فوردت الثلاثة عن ابن عباس ، وتكرر بعضها عن عكرمة (ت: ١٠٥)، وقتادة (ت: ١١٧)، وجميعها صحيح لُغةً، عامٌّ غير مخصوص، موافق لسياق الامتنان والتفضُّل في الآيات، وموضوع السورة العام. قال ابن الأنباري (ت: ٣٢٨) بعد ذكره لقول طاووس (ت: ١٠٦): (الحفدة: الخدم): (فهذا مطابق لِلُّغة، والأقوال الأخرى غير خارجة عن الصواب) (١)، واختار الجمع بين هذه الأقوال ابنُ سلاَّم (ت: ٢٠٠)، وابن جرير (ت: ٣١٠)، والزجاج (ت: ٣١١)، والجصاص (ت: ٣٧٠)، والرازي (ت: ٦٠٤)، وابن حجر (ت: ٨٥٢) (٢).

* * *

[٤٧] ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا﴾ [الكهف ٦٠].

عن سعيد بن جبير قال: (قلت لابن عباس: إن نوفًا البِكَالي (٣) يزعم أن موسى صاحب الخضر، ليس موسى صاحب بني إسرائيل. فقال ابن عباس: كذبَ عدوُّ الله،


(١) الزاهر ١/ ٧٠.
(٢) ينظر: تفسير ابن سلاَّم ١/ ٧٥، وجامع البيان ١٤/ ١٩٣، ومعاني القرآن وإعرابه ٣/ ٢١٢، وأحكام القرآن، للجصاص ٣/ ٢٤١، والتفسير الكبير ٢٠/ ٦٦، وفتح الباري ٨/ ٢٣٨.
(٣) نوف بن فَضَالة البِكَالي، أبو يزيد الحِمْيَرِي، ابن امرأة كعب الأحبار، وقيل: ابن أخيه، تابعي عالم صدوق، قرأ الكتب، وأخذ عن كعب علمًا كثيرًا. ينظر: طبقات ابن سعد ٧/ ٢١٢، والتاريخ الكبير ٨/ ١٢٩، والفتح ٨/ ٢٦٣.

<<  <   >  >>