للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

هو المُتبادر من كلمة النكاح، كما أنه المعنى الأكثر ورودًا لهذه اللفظة في القرآن الكريم، ومنه قوله تعالى ﴿فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ﴾ [النساء ٢٥]، وقوله ﴿وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ﴾ [النور ٣٢].

* الحكم على الاستدراك:

لم يسلم كلا القولين في هذه الآية من الاعتراضات، فمِمَّا وُجِّهَ إلى من قال أن المُراد بالنكاح الوطء ما يأتي (١):

أولًا: ليس في القرآن لفظ نكاح إلا ولا بُدَّ أن يُراد به العقد، وإن دَخل فيه الوطء أيضًا، فأمَّا أن يُراد به مجرد الوطء فهذا لا يوجد في كتاب الله قط. وقد سبق الجواب عن هذا بثبوته في لسان العرب، وعن ابن عباس .

ثانيًا: أن سبب نزول الآية صحيح صريح في أنها نزلت في استفتاء النبي في التزوج بزانية، وقد اتفق العلماء على أن سبب النْزول داخل في الآية دخولًا قطعيًا (٢)، فكيف يكون سبب النُّزول خارجًا من اللفظ؟!.

ثالثًا: أنه ينبغي أن يُصان كلام الله تعالى عن مثل هذا القول؛ فإن معناه: الزاني لا يطأُ إلا زانية، والزانية لا يطؤها إلا زانٍ. وهذا مُفسِدٌ للمعنى؛ وأيُ فائدةٍ في الإخبار بذلك؟! وجوابه قد سبق بذكر معنى هذا القول وفوائده.

رابعًا: أن الواقع بخلافه، إذ قد يستَكره الزاني امرأةً فيطؤها فيكون زانيًا ولا تكون زانية، وكذا العكس. وجوابه أنها داخلة في اسم الفعل، لا في حكمه وما يترتب عليه؛ لمانع الإكراه.


(١) ينظر في هذه الوجوه: الكشاف ٣/ ٢٠٧، وأشبعها بحثًا ابن تيمية في مجموع الفتاوى ١٥/ ٣١٥ - ٣٢٨، و ٣٢/ ١١٣ - ١٢٦. وزاد المعاد ٥/ ١٠٤، وإغاثة اللهفان ١/ ٩٢، والصواعق المرسلة ٢/ ٥٧٢، وأضواء البيان ٦/ ٥٣.
(٢) ينظر: اقتضاء الصراط المستقيم ١/ ٤٤١، وإيثار الحق على الخلق (ص: ٣٨٥).

<<  <   >  >>