للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الموافق لسياق الآية، وبه أجاب ابنُ عباس نافعَ بن الأزرق عندما قال نافع: تزعم أن قومًا يخرجون من النار، وقد قال الله جل وعز ﴿وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا﴾ [المائدة ٣٧]؟ فقال ابن عباس: (ويحك، اقرأ ما فوقها، هذه للكُفَّار) (١). ولا خلاف بين المفسرين في أن هذه الآية ونحوها من النصوص لا تنافي القول بالشفاعة في عُصاة المؤمنين لخروجهم من النار. (٢)

[ومن مسائل هذا الاستدراك]

أولًا: عناية الصحابة في فهم القرآن وتفسيره بالسياق، واعتمادهم عليه بصورة واضحة في ردّ الأقوال الباطلة، والشاذَّة عن سياق الآية. ويوضح ذلك بجلاء استدلالات جابر في رد شبهات الخوارج حول الآيات بسياقها، وفي بعض روايات يزيد الفقير قال: (كنت عند جابر بن عبد الله فذكروا الخوارج .. ، فردَّ علينا جابر ذلك، فجعلَ يقرأ آيةً أوَّلها كُفر، وآخِرَها كُفر) (٣).

ثانيًا: معرفة بذور الانحراف في التفسير وبداياته، وأثر الانحراف العقدي في ذلك.


(١) جامع البيان ٦/ ٣١٠ (٩٣٠٥). وقد رَدَّ الزمخشري هذا الخبر، وتَهَكَّمَ به على أهل السنة؛ مُتَوَصِّلًا بذلك إلى إثبات تخليد كلِّ داخل في النار، على مذهب المعتزلة، قال الآلوسي (ت: ١٢٧٠) عن هذه القصة: (حكاها الزمخشري، وشَنَّعَ إثرها على أهل السنة، ورماهم بالكذب والافتراء، فحقق ما قيل: رمتني بدائها وانسَلَّت. ولسنا مُضطرِّين لتصحيح هذه الرواية، ولا وَقَفَ الله تعالى صحةَ العقيدةِ على صحتها، فكم لنا من حديث صحيح شاهد على حقيقة ما نقول، وبطلان ما يقوله المعتزلة). روح المعاني ٦/ ٤١١، وينظر: الانتصاف ١/ ٦١٧، والبحر المحيط ٣/ ٤٨٨، وفتح القدير ٢/ ٥٦.
(٢) ينظر: سنن الترمذي ٤/ ٣٦١، وشعب الإيمان ١/ ٢٩٣ (٣٢٢)، وجامع البيان ٦/ ٣١٠، والوسيط ٢/ ١٤٨، والبحر المحيط ٣/ ٤٨٨، وتفسير ابن كثير ٣/ ١١٦٧، والدر المنثور ٣/ ٦٨، وروح المعاني ٦/ ٤١١.
(٣) شرح أصول اعتقاد أهل السنة ٦/ ١١٦٦ (٢٠٥٢).

<<  <   >  >>