للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٦٩] ﴿يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ﴾ [الأنعام ١٣٠].

قال مجاهد: ليس في الجِنِّ رُسُل، إنَّمَا الرُّسُل في الإنْس، والنَّذَارةُ في الجِنّ، وقرأ ﴿فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِم مُنْذِرِينَ﴾ [الأحقاف ٢٩]. (١)

* تحليل الاستدراك:

نفى مجاهدُ (ت: ١٠٤) أن يكون في الجنِّ رسلًا، ومن ذهب إلى ذلك استَدَلَّ بظاهر هذه الآية، إذ أعاد فيها ضمير الجمع إلى الجن والإنس (٢)، وكذا يشهد لهذا القول أن الرسل إنما تُبعَثُ من أقوامهم، كما قال تعالى ﴿رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْهُمْ﴾ [البقرة ١٢٩]، وقال ﴿فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ﴾ [المؤمنون ٣٢]، وقال : (وكان النبي يُبعَثُ إلى قومه) (٣)، وقوم الجن غير قوم الإنس. (٤)

وبَيَّنَ مجاهدُ (ت: ١٠٤) أن الرُّسُلَ في الإنْس، والنَّذَارةَ في الجِنّ، واستدَلَّ بظاهر قوله تعالى عن الجن ﴿فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِم مُنْذِرِينَ﴾ [الأحقاف ٢٩]، ويشهدُ لهذا القول آياتٌ كثيرةٌ من كتاب الله، منها قوله تعالى ﴿إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ﴾، إلى قوله ﴿رُّسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ


(١) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ٣/ ١٩٧ (٢٨٤٧)، والبستي في تفسيره ٢/ ٣٥٢ (٨٨١)، وابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١٣٨٩ (٧٩٠٣)، وعزاه السيوطي في الدر ٣/ ٣٢٣ لعبد بن حميد، وابن المنذر. من طريق سفيان بن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد.
وإسناده صحيح.
(٢) ينظر: النكت والعيون ٢/ ١٧٠، وزاد المسير (ص: ٤٦٨)، والإشارات الإلهية ٢/ ١٩٥.
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه ١/ ٥١٩ (٣٣٥)، ومسلم في صحيحه ٢/ ١٧٨ (٥٢١).
(٤) ينظر: فتح الباري ٦/ ٣٩٧.

<<  <   >  >>