للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

* تحليل الاستدراك:

نفى القرظي (ت: ١٠٨) أن يكون المُراد بالمنادي في الآية رسولَ الله ، وعَلَّلَ ذلك بقوله: (ليس كل الناس سمع النبي . ومن ذهب إلى أن المنادي: رسول الله ، حملوا اللفظ على ظاهره وحقيقته، واعتمدوا سياقَ الآية، وآياتٍ قرآنيةٍ في معناها. ففي الآية بعدها قال تعالى ﴿رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ﴾ [آل عمران ١٩٤]، أي: الذين استجبنا دعاءَهم، وآمنَّا بما جاءوا به (١). والمُراد بالنداء في الآية: الدعاء، ونسبته إلى النبي أشهر وأظهر، فقد قال تعالى ﴿ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ﴾ [النحل ١٢٥]، ﴿أَدْعُو إِلَى اللَّهِ﴾ [يوسف ١٠٨]، ﴿وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ﴾ [الأحزاب ٤٦] (٢)، وقال تعالى آمرًا المؤمنين باستجابة دعوة رسوله ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾ [الأنفال ٢٤]. (٣)

وذهب القرظي (ت: ١٠٨) إلى أن المُراد بالمُنادي: القرآن. واستدل لقوله بأن القرآن يسمعه كل أحد من المؤمنين، سواءً في زمن رسول الله أو بعده، ثُمَّ هو داعٍ أيضًا إلى الإيمان، فقد أخبر الله تعالى عن مؤمني الجن قولهم ﴿إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (١) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا﴾ [الجن ١ - ٢]، فهذا نظير ما قاله مؤمني الإنس في هذه الآية. (٤)

* الحكم على الاستدراك:

ذهب إلى قول القرظي (ت: ١٠٨) في هذه الآية قتادة (ت: ١١٧)، واختاره ابن جرير (ت: ٣١٠) (٥).


(١) ينظر: بدائع التفسير ١/ ٥٣٩.
(٢) ينظر: التفسير الكبير ٩/ ١١٨، روح المعاني ٤/ ٥٠٨.
(٣) ينظر: تفسير الراغب الأصفهاني ٢/ ١٠٤٩.
(٤) ينظر: جامع البيان ٤/ ٢٨١، وتفسير ابن المنذر ٢/ ٥٣٦.
(٥) ينظر: جامع البيان ٤/ ٢٨١، وتفسير ابن أبي حاتم ٣/ ٨٤٢.

<<  <   >  >>