للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

تراها قد ضِيمَتْ حقَّها واستُلِبَت ماءَها ورونَقَها؛ أن وَقَعت إلى من ليسوا من أهل هذا العلم، فأخذوا بِها في مآخِذَ مردودة، وحملوها على محامل غيرَ مقصودة، وهم لا يدرون، ولا يدرون أنهم لا يدرون، فتلك الآيُ من مآخِذِهم في عويلٍ، ومن محامِلهِم على ويلٍ طويلٍ، ﴿وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا﴾ [الكهف ١٠٤]) (١).

* * *

[٣٥] ﴿وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ [البقرة ١٩٥].

عن أسلم أبي عمران (٢) قال: (غزونا من المدينة نريد القسطنطينية (٣)، وعلى أهل مصر عقبةُ بن عامر، وعلى الجماعة عبد الرحمن بن خالد بن الوليد، قال: فصَفَفْنا صَفَّين لم أَرَ صفين قَط أعرضَ ولا أطولَ منهما، والروم مُلصِقون ظهورَهم بحائط المدينة، قال: فحمل رجلٌ مِنَّا على العدوّ، فقال الناس: مَهْ، لا إله إلا الله!، يلقي بيده إلى التهلكة. فقال أبو أيوب الأنصاري : أيها الناس إنكم تتأولون هذه الآية هكذا؛ أن حمل رجلٌ يقاتلُ يلتمس الشهادة، أو يبلي من نفسه!، إنما نزلت هذه الآية فينا معشر الأنصار، إنا لمَّا نصر الله نبيه وأظهر الإسلام قلنا بيننا معشر الأنصار سرًّا من رسول الله: إن أموالنا قد ضاعت، فلو أنَّا أقمنا فيها فأصلحنا ما ضاع منها. فأنزل الله في كتابه يردُّ علينا ما هممنا به ﴿وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ [البقرة ١٩٥]،


(١) مفتاح العلوم، للسكاكي (ص: ٥٣١).
(٢) أسلم بن يزيد، أبو عمران التُّجَيْبي، المصري، ثقة. ينظر: الكاشف ١/ ١١٦، والتقريب (ص: ١٣٥).
(٣) سنة (٩٣)، بقيادة مَسْلَمَةَ بن عبد الملك، وقسطنطينية عاصمة الروم، وتسمى قسطنطينة، ثم سميت إسلامبول- مدينة الإسلام-، ثم اسطنبول، تقع على مضيق البسفور من بحر مرمرة شرقي أوروبا، وكانت عاصمة تركيا وهي الآن من حواضرها. ينظر: معجم البلدان ٤/ ٣٤٧، والبداية والنهاية ٩/ ٧٧، والأقطار والبلدان (ص: ١٤٩).

<<  <   >  >>