للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

عن أبي بكر وعمر وعائشة (١).

وما ذاك إلا لاستقامة فهمهم على ظاهر اللفظ، وعموم المعنى، فكانت منهم بتلك المثابة، (وإنما عَظُمَ موقع هذه الآية عليهم؛ لأن ظاهرها أن ما من مكلف يصدر عنه شرٌّ كائنًا ما كان إلا جُوزِيَ عليه يوم الجزاء، وأن ذلك لا يُغفَر، وهذا أمرٌ عظيم) (٢).

فجاء البيان النبوي الكريم فاتحًا من الرحمة والتيسير أبوابًا؛ فبيَّن أن ما ينالَ المؤمن من مصائب الدنيا المختلفة- من نَصَب وحُزْن ومَرَض ونَكبَة وحتى الشَّوكَة، وما هو أدنى منها ممّا يؤذي المؤمن- هو من الجزاء الذي يُجزى به في الدنيا، فقال رسول الله : (قاربوا وسددوا ففي كل ما يصاب به المسلم كفارة حتى النكبةَ يُنكَبَها، أو الشوكَةَ يُشاكَها)، وقال: (فإن ذلك مما تجزون به في الدنيا) (٣). فصار المعنى بعد البيان النبوي: من يَعمَل سوءًا يُجزَ به عاجلًا أو آجِلًا (٤)، (فأما مجازاة الكافر فالنار؛ لأن كفره أوبقه، وأما المؤمن فيُجازى في الدنيا غالبًا، فمن بقي له سوء إلى الآخرة فهو في المشيئة، يغفر الله لمن يشاء، ويُجازي من يشاء) (٥).

* الحكم على الاستدراك:

فهم أبو بكر العموم من اللفظ، وكذا غيره من الصحابة ، وهذا من هديهم المُقرِّ شرعًا، قال أبو العباس القرطبي (ت: ٦٥٦): (هذا يدل على أنهم- أي الصحابة- كانوا يتمسكون بالعمومات في العلميات، كما كانوا يتمسكون بها في


(١) ينظر: سنن سعيد بن منصور ٤/ ١٣٩٦، وسنن أبي داود ٣/ ١٨٤، وجامع البيان ٥/ ٣٩٨، وتفسير ابن أبي حاتم ٤/ ١٠٧٢، والكشف والبيان ٣/ ٣٩١، وتفسير ابن كثير ٣/ ١٠٢٣، والدر ٢/ ٦٤٧.
(٢) المفهم ٦/ ٥٤٧.
(٣) كلا اللفظين من روايات الاستدراك.
(٤) ينظر: أنوار التنْزيل ١/ ٢٤٢.
(٥) المحرر الوجيز ٢/ ١١٦، وينظر: التسهيل ١/ ٣٤٨.

<<  <   >  >>