للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

مهيع الكلام العربي البليغ؛ معاني في تفسير الآية. فنحن في تفسيرنا هذا إذا ذكرنا معنيين فصاعدًا، فذلك على هذا القانون، وإذا تركنا معنىً مما حمل بعض المفسرين عليه في آيات من القرآن؛ فليس تركنا إيّاه دالًا على إبطاله، ولكن قد يكون ذلك لترجُّح غيره، وقد يكون اكتفاءً بذكره في تفاسير أخرى؛ تَجنُّبًا للإطالة) (١). وقد أحسن في تطبيق ما ذكر في مواضع من تفسيره.

* * *

[٣١] ﴿إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي القُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ طُغْيَانًا كَبِيرًا﴾ [الإسراء ٦٠].

قال ابن عباس : (هي رؤيا عينٍ، أُريهَا رسول الله ليلةَ أُسرِيَ به إلى بيتِ المقدس، وليست برؤيا منام) (٢).

* تحليل الاستدراك:

حَدَّدَ ابن عباس معنى "الرؤيا" الواردة في الآية بأنَّها: رؤيا عينٍ أُريهَا رسولُ الله ليلةَ أُسرِيَ به إلى بيتِ المقدس. وأكَّدَ ذلك بإضافة الرؤيا إلى العين؛ احترازًا من رؤيا القلب (٣)، وأكد كُلَّ ذلك بقوله: (وليست برؤيا منام). واعتمد في بيانه ذلك على أن كلمة "الرؤيا" تُطلَق على رؤية العين، كما تُطلَق على رؤيا المنام، إذ أن أصْلهُما واحد، ومن شواهد ذلك قول الشاعر (٤):


(١) التحرير والتنوير ١/ ١٠٠.
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه ٧/ ٢٤٢ (كتاب ٦٣ - مناقب الأنصار، باب ٤٢ - المعراج، برقم: ٣٨٨٨).
(٣) كما في قوله تعالى ﴿مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى﴾ [النجم ١١]. ينظر: فتح الباري ٧/ ٢٥٩.
(٤) الراعي النميري، يَصِفُ صائدًا. ينظر: شرح ديوان حماسة أبي تمام ٢/ ١١٢٦، ولسان العرب ١٤/ ٢٩٨.

<<  <   >  >>