للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[ومن مسائل هذا الاستدراك]

أولًا: إدراك مفسري السلف لترابط المعاني وتداخلها، وحرصهم على اختيار أعَمِّها وأفخَمِها، وهذا بَيِّنٌ من جواب سعيد بن جبير (ت: ٩٥): (النهر الذي في الجنة من الخير الذي أعطاه الله إياه).

ثانيًا: لزوم التفريق في كلام النبي على معاني الآيات بينَ ما هو نَصٌّ في التفسير فلا يجوز مخالفته، وما هو من قبيل التمثيل، أو بيان الأولى، ونحو ذلك مِمَّا لا حصر فيه للمعنى. ومن وسائل التفريق المُعتَبَرة بين نَوْعَي التفسير النبوي السابِقَين: فَهمُ الصحابي وتفسيره، فهو الأقدَرُ على تَمْييز هذين النوعين من جميع من بعده؛ لاطِّلَاعِه على أمور خارِجَةٍ عن النص النبوي الذي بين أيدينا، كسياق الموقف ومُناسبته، وشهود التنْزيل، وقرائنه الحالِيَّة، ومعرفة حال من نزل فيهم القرآن، بالإضافة إلى إدراكهم لخصائص ألفاظه، وفَهمِهم مُراده عن قُرب واطلاع، فإدراكهم للمعاني أَتَمّ، وتعبيرهم عنها أفصح وأوضح، قال ابن القيم (ت: ٧٥١): (والصحابة أعلم الأمة بتفسير القرآن، ويجب الرجوع إلى تفسيرهم) (١)، وقال الشاطبي (ت: ٧٩٠): (فمتى جاء عنهم تقييدُ بعضُ المُطلَقات، أو تخصيص بعض العمومات، فالعَمَلُ عليه صواب) (٢). وتُعَدُّ هذه الأمور وغيرها من أسباب حُجِّيَة قول الصحابي، ووجوه تقديمه على ما عداه. (٣)

* * *


(١) التبيان في أقسام القرآن (ص: ٢٢٦).
(٢) الموافقات ٤/ ١٢٨.
(٣) ينظر: أحكام القرآن، للطحاوي ١/ ٢٤٥، والفقيه والمتفقه ١/ ٤٣٧، والعُدَّة، لأبي يعلى ٣/ ٧٢١، ومجموع الفتاوى ٢٠/ ١٤، وتنبيه الرجل العاقل ٢/ ٥٦٠، وعنه نقل ابنُ القيم في إعلام الموقعين ٥/ ٥٤٣، ومختصر الصواعق المرسلة (ص: ٥١٠)، والموافقات ٤/ ١٢٧. وممَّا أُفرِدَ في هذا الموضوع: إجمال الإصابة في أقوال الصحابة، للعلائي، وقول الصحابي وأثره في الأحكام الشرعية، لبابكر الفاداني، والصحابي وموقف العلماء من الاحتجاج بقوله، لعبد الرحمن الدرويش، وقول الصحابي في التفسير الأندلسي حتى القرن السادس، لفهد الرومي.

<<  <   >  >>