للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثالثًا: الوقوف على أبرز أسباب الغلط في التفسير، وهو: تعميم الخاص من النصوص، وهو تَحَكُّمٌ يبعث عليه الجهل والهوى، وقد عبَّر عنه جابر بقوله: (إنكم تجعلون الخاصَّ عامًّا). وقال ابن

أبزى لمَّا جاءه رجلٌ من الخوارج يقرأ عليه ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِم يَعْدِلُونَ﴾ [الأنعام ١]، وقال له: أليس الذين كفروا بربهم يعدلون؟ قال: بلى. فانصرف عنه الرجل، فقال له رجل من القوم: يا ابن أبزى، إن هذا قد أراد تفسير الآية غير ما ترى؛ إنه رجل من الخوارج. فقال: ردوه علي، فلما جاءه قال: هل تدري فيمن نزلت هذه الآية؟ قال: لا. قال: إنها نزلت في أهل الكتاب، اذهب ولا تضعها على غير حدها. وورد نحوه عن علي . (١)

* * *

[٤١] ﴿وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [الحشر ٩].

عن الأسود بن هلال (٢) قال: (جاء رجل إلى عبد الله بن مسعود ، فقال له: إني أخاف أن أكون قد هلكت. قال: وما ذاك؟ قال: إني سمعت الله يقول: ﴿وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [الحشر ٩]، وأنا رجلٌ شحيح، لا يكاد يخرج مني شيء. فقال عبد الله: ذَكَرتَ البخل، وبئس الشيء البخل، وأمَّا ما ذكر الله في القرآن فليس كما قُلتَ، ذلك أن تَعْمَد إلى مال غيرك، أو مال أخيك فتأكله ظلمًا) (٣).


(١) ينظر: جامع البيان ٧/ ١٩٣، والدر المنثور ٣/ ٢٢٥.
(٢) الأسود بن هلال المُحاربي، أبو سلام الكوفي، مخضرم ثقة جليل، مات سنة (٨٤). ينظر: الكاشف ١/ ١٣٢، والتقريب (ص: ١٤٦).
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف ٥/ ٣٣٢ (٢٦٦١١)، وابن جرير في تفسيره ٢٨/ ٥٦، ١٦٢ (٢٦٢٤٧، ٢٦٥١٠)، وابن أبي حاتم، كما في تفسير ابن كثير ٨/ ٣٤٨٢، والطبراني في الكبير ٩/ ٢١٨ (٩٠٦٠)، والحاكم في المستدرك ٢/ ٥٣٢ (٣٨١٥)، والبيهقي في الشعب ٧/ ٤٢٦ (١٠٨٤١)، وعزاه السيوطي في الدر ٨/ ١٠٣ للفريابي، وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن مردويه. من طريق جامع بن شداد، عن الأسود بن هلال، عن ابن مسعود . وعنه، عن أبي الشعثاء، عن ابن مسعود، أخرجه الخطابي في بيان إعجاز القرآن (ص: ٣٠)، والثعلبي في تفسيره ٩/ ٢٨٠. وعن أشعث بن أبي الشعثاء، عن أبيه، عن ابن مسعود، أخرجه ابن جرير في تفسيره ٢٨/ ٥٦ (٢٦٢٤٦).
وإسناده صحيح. وصححه الحاكم.

<<  <   >  >>