للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفَسَّرَ محمد بن كعب المستقدمين والمستأخرين بِمَنْ مات ومضى، ومن يلحق بِهم من بعدُ، مِمَّنْ هو حيّ، ومِمَّن لم يخلق بعدُ. واستَدَل لذلك بالآية بعدها، وسِبَاقُ الآية ولِحاقها يشهدان لهذا المعنى، فقبلها قوله تعالى ﴿وَإنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ﴾ [الحجر ٢٣]، فالحديث عن الإحياء والإماتة والبعث، ثم ذكر في هذه الآية عِلمَه بمن مات، ومن بقي، ومَن بعدهم مِمَّنْ سيُخلَق، ثم قال تعالى بعدها ﴿وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ﴾ [الحجر ٢٥]، وهو تأكيد لِمَا مضى من ذكر البعث، وبيانٌ لتمام قدرته تعالى، وهو ما أكدته السورة في سياقها العام. ويؤكد هذا المعنى أن السورة مكيةٌ باتفاق (١)، وموضوع البعث والإحياء من أبرز موضوعات السور المكية (٢)، ومن نظائر هذا المعنى في القرآن قوله تعالى ﴿قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الأَرْضُ مِنْهُمْ﴾ [ق ٤]. (٣)

* الحكم على الاستدراك:

تعددت أقوال المفسرين في هذه الآية (٤)، وأقوى ما قِيلَ فيها هذان القولان:

الأول: أنها في صفوف الصلاة، وهذا يعضده سبب النُّزول، ويحتمله لفظ الآية، وقال به ابن عباس (٥)، ومروان بن الحكم (ت: ٦٥)، وأبو الجوزاء (ت: ٨٣) (٦)، واختاره الفراء (ت: ٢٠٧)، والواحدي (ت: ٤٦٨). (٧)


(١) ينظر: الناسخ والمنسوخ، للنحاس (ص: ١٨٠)، والتنْزيل وترتيبه (ص: ٢٨)، والدر ٥/ ٥٥، وفتح القدير ٣/ ١٦٥.
(٢) ينظر: التسهيل ١/ ١٣، ومناهل العرفان ١/ ٢٠٥، وأهم خصائص السور والآيات المكية ومقاصدها (ص: ٢٣٧).
(٣) ينظر: تفسير مقاتل ٢/ ٢٠١.
(٤) ينظر: زاد المسير (ص: ٧٥٩)، والجامع لأحكام القرآن ١٠/ ١٤.
(٥) من طريق أبي الجوزاء. ينظر: جامع البيان ١٤/ ٣٥.
(٦) ينظر: جامع البيان ١٤/ ٣٤.
(٧) ينظر: معاني القرآن، للفراء ٢/ ٨٨، والوجيز ١/ ٥٩١، مع أن الواحدي في الوسيط ٣/ ٤٣ ذكر القول الثاني واستدل له بالسياق.

<<  <   >  >>