للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

كان من المسبحين في حال الرخاء، وكذلك في بطن الحوت، ولمجموع ذلك فَرَّجَ الله عنه. وهذا الجمع مَرَدُّه إلى القول الثاني، فلا يكون قولًا ثالثًا؛ لأن من لازم تسبيح يونس وعبادته حال الرخاء، أن تدوم تلك العبادة وذلك التسبيح حال الشدة، فهذا المعنى من تمام القول الثاني، وليس بخارج عنه، وإنما الذي يُقابله أن يكون ذلك التسبيح مُحدَثًا في بطن الحوت، كما في القول الأول.

* * *

[٦٢] ﴿وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ (١٩) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ (٢٠) وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ (٢١) لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ﴾ [ق ١٩ - ٢١].

قال يعقوب بن عبد الرحمن (١): (سألت زيد بن أسلم عن قوله تعالى ﴿وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ﴾ [ق ١٩]، إلى قوله ﴿سَائِقٌ وَشَهِيدٌ﴾ [ق ٢١]، فقلت له: من يُرَاد بهذا؟ فقال: رسول الله . فقلت له: رسول الله؟! فقال: ما تنكر؟ قال الله ﷿ ﴿أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى (٦) وَوَجَدَكَ ضَالًا فَهَدَى﴾ [الضحى ٦ - ٧]. قال: ثم سألت صالح بن كيسان (٢) عنها، فقال لي: هل سألت أحدًا؟ فقلت: نعم، قد سألت عنها زيد بن أسلم. فقال: ما قال لك؟ فقلت: بل تخبرني ما تقول. فقال: لأخبرنك برأيي الذي عليه رأيي، فأخبرني ما قال لك. قلت: قال: يُراد بها رسول الله . فقال: وما علم زيد؟ والله ما سنٌّ عالية، ولا لسانٌ فصيح، ولا معرفةٌ بكلام العرب، إنما يُراد بهذا الكافر. ثم قال: اقرأ ما


(١) يعقوب بن عبد الرحمن بن محمد ابن عَبْدٍ القارِّيّ الزهري المدني، من الثقات، مات سنة (١٨١). ينظر: الكاشف ٣/ ٢٩٢، والتقريب (ص: ١٠٨٨).
(٢) صالح بن كيسان المدني، أبو محمد، مُؤَدب ولد عمر بن عبد العزيز، ثقة ثبت فقيه، مات بعد (١٤٠). ينظر: الكاشف ٢/ ٢٣، والتقريب (ص: ٤٤٧).

<<  <   >  >>