للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

: "صدقةٌ تَصَدَّقَ الله بِهَا عليكم"، عندما سُئل عن قصرها مع الأمن، فكان قوله ذلك تيسيرًا وتوقيفًا على أن الآية مُتَضمّنة لقصر الصلاة مع الخوف ومع غير الخوف، فالقصر مع الخوف هو في الهيئات، ومع الأمن في الركعات، والمُتَصَدَّق به إنما هو إلغاء شرط الخوف في قصر عدد الركعات مع الأمن، وعلى هذا فيبقى اعتبار الخوف في قصر الهيئات، وقد أكثر الناس في هذه الآية، وما ذكرناه أولى وأحسن؛ لأنه جمعٌ بين الآية والحديث) (١)، ويُؤيده كذلك قوله تعالى في الآية بعدها ﴿فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾ [النساء ١٠٣]، فإن الطمأنينة تصح في كلا المعنيين السابقين: إمَّا سكون النفس من الخوف، أو الإقامة بعد سفر (٢)، قال ابن تيمية (ت: ٧٢٨): (فأمَرَهُم بعد الأمن بإقامة الصلاة، وذلك يتضمن الإتمام وترك القصر منها الذي أباحه الخوف والسفر) (٣)، وبقصر الركعات في الأمن فسرها الثعلبي (ت: ٤٢٧)، والواحدي (ت: ٤٦٨) (٤).

* * *

[١١] ﴿وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى﴾ [النجم ١٣].

عن مسروق (٥) قال: (كنت مُتَّكِئًا عند عائشة، فقالت: يا أبا عائشة، ثلاثٌ من تكَلَّم بواحدة منهُنَّ فقد أعظم على الله الفرية (٦). قلت: وما هُنَّ؟ قالت: من زَعَمَ أن محمدًا رأى ربَّه فقد أعظم على الله الفرية. وكُنتُ مُتَّكِئًا فجلست فقلت: يا أُمَّ


(١) المُفْهِم ٢/ ٣٢٩ بتصرف يسير.
(٢) المحرر الوجيز ٢/ ١٠٨.
(٣) مجموع الفتاوى ٢٢/ ٥٤٢.
(٤) الكشف والبيان ٣/ ٣٧٣، والوسيط ٢/ ١٠٨.
(٥) مسروق بن الأجدع بن مالك الهَمْداني، أبو عائشة الكوفي، الفقيه المُقرئ المُفَسر، من كبار التابعين ومن أعلم تلاميذ ابن مسعود ، توفي سنة (٦٣). ينظر: طبقات ابن سعد ٦/ ٣٩٨، وطبقات القراء ١/ ٢٩.
(٦) أي: الافتراء، وهو اختلاق الكذب وما يقبح التحدُّثُ به. المُفهِم ١/ ٤٠٣.

<<  <   >  >>