للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فكلاهما أجرى تفسيره لهذه الآية بحسب سياق الآيات قبلها، وقَوَّى المعنى عند ابن مسعود قوله تعالى ﴿رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ﴾ [الدخان ١٢]، إذ قال: (أفَيكشِف عنهم عذاب الآخرة إذا جاء!)، فصار المراد بذلك في الدنيا لا الآخرة.

* الحكم على الاستدراك:

وافقَ ابنَ مسعود في قوله: أن الدُّخان المذكور في الآية قد مضى على ما سبق وصفه جماعة من المفسرين، كأبي العالية (ت: ٩٣)، وإبراهيم النخعي (ت: ٩٦)، ومجاهد (ت: ١٠٤)، والضحاك (ت: ١٠٥)، وعطية العوفي (١) (ت: ١١١) (٢)، واختاره ابن جرير (ت: ٣١٠)، وأَيَّدَه بأن سياق الآيات في خطاب مشركي قريش، قال تعالى ﴿لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الأَوَّلِينَ (٨) بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ﴾ [الدخان ٨ - ٩]، ثم أمر الله نبيه بالصبر عليهم إلى أن يأتي بأسه وتهديده، ﴿فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ﴾ [الدخان ١٠]، (فهو بأن يكون إذ كان وعيدًا لهم، قد أحلَّه بهم، أشبه من أن يكون آخَرَه عنهم لغيرهم) (٣). وهذا يُضاف إلى ما ذكره ابن مسعود في رَدِّه في الرواية السابقة إذ قال في قوله تعالى ﴿رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ﴾ [الدخان ١٢]: (أفَيكشِف عنهم عذاب الآخرة إذا جاء!). (٤)

ووافَقَ ابنَ عباس في قوله: بأن الدُّخان آتٍ قبل قيام الساعة، ومن علاماتها، علي بن أبي طالب، وأبو سعيد الخدري، وأبو هريرة، وابن عمر ،


(١) عطية بن سعد بن جنادة العوفي القيسي، أبو الحسن الكوفي، أخذ عن ابن عباس وابن عمر، شيعي صدوق يُخطئ كثيرًا، له تفسير القرآن، توفي سنة (١١١). ينظر: طبقات ابن سعد ٦/ ٥١٠، والسير ٥/ ٣٢٥.
(٢) ينظر: جامع البيان ٢٥/ ١٤٦، وتفسير ابن كثير ٧/ ٣١٦٢.
(٣) جامع البيان ٢٥/ ١٤٨.
(٤) ينظر: المفهم ٧/ ٣٩٦.

<<  <   >  >>