للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

مَّجْنُونٌ (١٤) إِنَّا كَاشِفُوا الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ (١٥) يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ﴾ [الدخان ١٠ - ١٦]، فذهب ابن مسعود إلى أن جميع ذلك في الدنيا، فعن مسروق قال: بينما رجل يحدث في كندة- وفي لفظ: في المسجد، عند أبواب كندة (١) فقال: يجيء دخان يوم القيامة، فيأخذ بأسماع المنافقين وأبصارهم، يأخذ المؤمن كهيئة الزكام. ففزعنا، فأتيتُ بن مسعود وكان متكئًا فغضب فجلس فقال: (من علم فليَقُل، ومن لم يعلم فليقل: الله أعلم، فإن من العلم أن تقول لما لا تعلم: لا أعلم؛ فإن الله قال لنبيه ﴿قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ﴾ [ص ٨٦]، وإن قريشًا أبطؤوا عن الإسلام، فدعا عليهم النبي فقال: (اللهم أعنِّي عليهم بسبعٍ كسبعِ يوسف)، فأخذتهم سَنةٌ حتى هلكوا فيها، وأكلوا الميتة والعظام، ويرى الرجل ما بين السماء والأرض كهيئة الدخان، فجاءه أبو سفيان فقال: يا محمد جئت تأمرنا بصلة الرحم، وإن قومك قد هلكوا، فادع الله. فقرأ ﴿فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ الإٌ قوله ﴿عَائِدُونَ﴾ [الدخان ١٠ - ١٥]. أفَيكشِف عنهم عذاب الآخرة إذا جاء!، ثم عادوا إلى كفرهم، فذلك قوله تعالى ﴿يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى﴾ [الدخان ١٦] يوم بدر) (٢).

وذهب ابن عباس إلى أن ذلك الدخان لم يأتِ، وهو آتٍ قبل قيام الساعة، ومن علاماتها، فعن عبد الله بن أبي مليكة قال: غدوت على ابن عباس ذات يوم فقال: (ما نِمت الليلة حتى أصبحت. قلت: لم؟ قال: قالوا: طلع الكوكب ذو الذنب، فخشيت أن يكون الدخان قد طرق، فما نمت حتى أصبحت) (٣).


(١) بابٌ بالكوفة. ينظر: شرح النووي على مسلم ٦/ ٢٨٠.
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه ٨/ ٣٧٠ (٤٧٧٤)، ومسلم في صحيحه ٦/ ٢٨٠ (٢٧٩٨).
(٣) أخرجه عبد الرزاق في التفسير ٣/ ١٨٢ (٢٨٠٥)، والحاكم في المستدرك ٤/ ٥٠٦ (٨٤١٩)، وابن جرير ٢٥/ ١٤٧ (٢٤٠٢٣)، وابن أبي حاتم كما ذكره ابن كثير في تفسيره ٧/ ٣١٦٤، وعزاه السيوطي في الدر ٧/ ٣٥٣ لعبد بن حميد وابن المنذر. وإسناده صحيح، وصححه الحاكم، وابن كثير، والسيوطي.

<<  <   >  >>