للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ﴾ [المائدة ٥٢]، إلى قوله ﴿فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ﴾ [المائدة ٥٣]، فهذا وصف الذين في قلوبهم مرض، الذين يوالون الكفار كالمنافقين، ثم قال ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ [المائدة ٥٤]، فذكر فعل المرتدِّين و أنهم لن يَضُرُّوا الله شيئًا، و ذكر من يأتي به بَدَلَهُم، ثم قال ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (٥٥) وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ﴾ [المائدة ٥٥ - ٥٦]، فتضمن هذا الكلامُ ذكرَ أحوالِ من دخل في الإسلام من المنافقين، و مِمَّنْ يرتَدُّ عنه، وحالِ المؤمنين الثابتين عليه ظاهرًا و باطنًا) (١).

كما أن لهذا المعنى نظائر في كتاب الله، منها قوله تعالى ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ﴾ [التوبة ٧١]، وقوله ﴿وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [التحريم ٤]، ومن سُنة رسول الله قوله: (إن آلَ أبي فُلانٍ ليسوا لِي بأولياء، إنما وليِّي اللهُ وصالحُ المؤمنين) (٢)، قال النووي (ت: ٦٧٦): (معناه: إنما ولِيِّي من كان صالحًا وإن بَعُدَ نسبًا منِّي، وليس ولِيِّي من كان غيرَ صالِحٍ وإن كان نسبُهُ قريبًا) (٣).

* الحكم على الاستدراك:

لا يُعرَفُ عن أحدٍ من السلف والمفسرين أن هذه الآيةَ خاصَّةٌ بعليٍّ فلا تتناول غيره، قال ابن تيمية (ت: ٧٢٨): (أجمع أهلُ العلم بالنقل على أنها لم تَنْزل في عليٍّ بخصوصه)، والقولُ بالعُموم في الآية هو الصوابُ لُغةً وسَبَبًا وسِيَاقًا، وهو ظاهر


(١) منهاج السنة النبوية ٧/ ١٩، وينظر: الإشارات الإلهية ٢/ ١٢٢، ١٢٤، وروح المعاني ٦/ ٤٥٩.
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه ١٠/ ٤٣٢ (٥٩٩٠)، ومسلم في صحيحه ١/ ٤٤٥ (٢١٥).
(٣) شرح النووي على مسلم ١/ ٤٤٥.

<<  <   >  >>