للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

• المبحث الرابع: المُرَادُ بِ "اسْتِدْرَاكَاتِ السَّلَفِ فِي التَّفْسِيرِ".

بعد معرفة معاني مفردات هذا المصطلح، يتكامل بها المعنى الإضافي له، فيُقال:

استدراكات السلف في التفسير هي:

إِتْبَاعُ المُفَسِّر مِنَ السَّلَفِ قَولًا يَذكُرُه أو يُذكَرُ لَهُ في بيان المعنى المراد من الآية القُرْآنِ الكَرِيمِ بِقَولٍ آخَرَ يُصْلِحُ خَطَأَهُ، أَوْ يُكْمِلَ نَقْصَهُ.

فخرج بقولنا: "إتباع المفسر" ما عداه من أنواع الاختلاف بين المفسرين؛ إذ إن استدراكات السلف في التفسير بهذا المعنى تعتبر نوعًا خاصًا من أنواع الاختلاف في التفسير، تتميز به عن مجرد عرض الأقوال الأخرى: بنوعِ نقدٍ واعتراضٍ وتَعَقُّبٍ وتكميلٍ (١).

كما يخرج بقولنا: "من السلف" من بعد القرون الثلاثة المفضلة، وقد أصبحت الاستدراكات ظاهرةً في كثير من كتب التفسير بعد ذلك (٢).

وفي قولنا: "قولًا يَذكُره أو يُذكَرُ له" توضيح لِطَريقَي الاستدراك على القول السابق، وهما:

الأول: أن يذكر المفسرُ القولَ الأوّل بِنَفْسِه ثم يستدرك عليه، وهذا استدراك على مُطلق القول، بغض النظر عن قائله، أو أنه قد قيل، أو لِخشية المُفَسِّر من أن يُفهم أو يُقال، فيورده احترازًا منه، وتنبيهًا عليه، ورُبَّما سَمَّى قائله.


(١) يُشَار هنا إلى أنه لا يلزم من مجرد الاستدراك تضعيف القول الأوّل وتخطئته، بل قد يكون لغير ذلك من الأغراض، كتكميل النقص، وإزالة اللبس، والتوجيه إلى معنىً أولى من المعنى المذكور لوجه من الوجوه، وسيأتي بيان ذلك- إن شاء الله تعالى- في موضعه من البحث.
(٢) ينظر في بيان ذلك تطور الاستدراكات في التفسير في الفصل الأول من الباب الثاني.

<<  <   >  >>