للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فهذا سببُ سؤالِ مسروق، وما أجابت به عائشةُ (١). وفي جوابها استشكل مسروق نفيها رؤيَةَ محمد رَبَّه، وأورد في ذلك آيتي التكوير والنجم، حيث فهم منهما أن الضمير في قوله تعالى ﴿رَآهُ﴾ في كلا الآيتين عائد على الله تعالى، وهو ما كان مُحتَملًا عند عائشة ، فسألت رسول الله عن ذلك، فأجاب بأن المُراد بهما جبريل . وهو ما اعتمدت عليه عائشة في جوابها لمسروق.

فكان مُعتَمَد مسروق فيما ذهب إليه احتمال الضمائر في سياق كِلا الآيتين أن يكون المُراد بها ربَّ العالمين (٢)، إضافةً إلى ما توافق عليه ابنُ عباسٍ وكعبٌ من إثبات رؤية رسول الله ربَّه مرَّتين.

واعتمدت عائشة في ما ذهبت إليه على بيان رسول الله ، وتحديده المُراد، ثم استشهدت على صِحَّةِ قولها وإبطال القول الآخر بآياتٍ أُخَر توافق هذا المعنى عندها، وهُما قوله تعالى ﴿لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ [الأنعام ١٠٣]، وقوله ﴿وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ﴾ [الشورى ٥١] (٣).

* الحكم على الاستدراك:

ما ذكره مسروق من احتمال كون المرئِيِّ في كلا الآيتين هو الله تعالى، ذَهَبَ إليه بعض العلماء كابن عباس ، وكعب (ت: ٣٢)، والحسن (ت: ١١٠)، وعكرمة


(١) ينظر: الفتح ٨/ ٤٧٢.
(٢) ينظر: مجموع الفتاوى ١٣/ ٣٤١.
(٣) تحدث العلماء عن بُعدِ ما استدَلَّت به عائشة ، وخُلاصته: أن الآية الأولى في نفي الإدراك وهو الإحاطة، والثانية في نفي التكليم إلا في ثلاثة صُوَر ذكرتها الآية، وليستا في نفي الرؤية. ينظر: المُفْهِم ١/ ٤٠٤، والفتح ٨/ ٤٧٣.

<<  <   >  >>