للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

مستشهدًا بها على هذا المعنى وأنها في المنافقين كما صرَّح به في الرواية الأخرى، وهذا أخذٌ منه بعموم اللفظ في الآية في قوله تعالى ﴿وَمِنَ النَّاسِ﴾ [البقرة ٢٠٤]، واعتبارٌ للسياق كذلك؛ فقد سُبِقَت هذه الآية بذكر فريقين: كافرٌ لا حَظَّ له في الآخرة، ومؤمن رَغِبَ في حظه من الدنيا والآخرة، فقال تعالى ﴿فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ (٢٠٠) وَمِنْهُم مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (٢٠١) أُوْلَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا﴾ [البقرة ٢٠٠ - ٢٠٢]، فناسَبَ بعد ذلك ذِكر من لا حَظَّ لهم في الآخرة، مع تظاهرهم بالرغبة فيها، وهم: المنافقون. (١)

وقد اعترض المقبري (ت: ١٢٣) هذا المنْزَع بقوله: (قد عرفتَُ فيمن أنزلت هذه الآية)، وكأنه يشير بذلك إلى ما ذكره أكثر المفسرين في سبب نزولها، وأنها نزلت في الأخنس بن شُريق الثقفي الذي جاء إلى النبي وأظهرَ الإسلام وأبطنَ خلافه (٢). وظاهرُ قوله، وما أجابَه به القُرظي (ت: ١٠٨) فقال: (إن الآية تنْزِل في الرَّجلِ ثم تكون عامَّةً بعدُ)، أنه يرى الآيةَ خاصَّةً فيمن نزلت فيه ولا تتجاوزه إلى غيره، ومن ثَمَّ لم يصح عنده استشهاد القرظي (ت: ١٠٨) بالآية على هذه المعاني. فهو في قوله هذا آخِذٌ بسبب النُّزول، وقاصِرٌ له على صورته دون غيرها.

* الحكم على الاستدراك:

يدور الخلاف في هذا الاستدراك على قولين:

الأول: يرى نزول الآية في الأخنس بن شُريق، ولا تتعدَّاه إلى غيره. وهو رأي المقبري (ت: ١٢٣).

والثاني: يرى نزول الآية في الأخنس بن شُريق، وتتعدَّاه إلى غيره، فتشمل كُلّ من


(١) ينظر: التفسير الكبير ٥/ ١٧٦، وروح المعاني ٢/ ٦٦٨، والتحرير والتنوير ٢/ ٢٦٥.
(٢) ينظر: جامع البيان ٢/ ٤٢٥، والكشف والبيان ٢/ ١١٩، وأسباب النُّزول (ص: ٦٥).

<<  <   >  >>