للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٤٨] ﴿قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا﴾ [الكهف ١٠٣].

عن مصعب بن سعد (١) قال: (قلت لأبي: ﴿قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا﴾ [الكهف ١٠٣]، أهم الحرورية (٢)؟ قال: لا، هم اليهود والنصارى، أمَّا اليهود فَكَذَّبوا محمدًا ، وأمَّا النصارى كفروا بالجنة وقالوا: لا طعام فيها ولا شراب. والحرورية الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه. وكان سعد يُسَمِّيهم: الفاسقين) (٣).

* تحليل الاستدراك:

لَمَّا خرجت الحرورية، ونسبَهُم بعضُ الصحابة إلى هذه الآية (٤)، سألَ مُصعَب أباه: أهم المقصودون بها؟. ومأخذَ من استشهَدَ بهذه الآية على الخوارج انطباقها عليهم من جهة اجتهادهم في العبادة، مع إقامتهم على الضلال، فخسروا من حيثُ ظَنُّوا الربح.

ثمَّ بَيَّن سعدٌ أن المُراد في الآية أهلُ الكتاب؛ اليهود والنصارى، وذكر صُوَرًا من ضلالهم، وسَمَّى الخوارج بالفاسقين (٥). ويشهد لهذا القول- أنها في أهل الكتاب- سياق الآية؛ فإنه في الكافرين، قال تعالى ﴿أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِنْ دُونِي أَوْلِيَاءَ إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلًا (١٠٢) قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (١٠٣) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ


(١) مصعب بن سعد بن أبي وقاص الزهري، أبو زرارة المدني، ثقة، مات سنة (١٠٣). ينظر: الكاشف ٣/ ١٤٧، والتقريب (ص: ٩٤٦).
(٢) نسبةً إلى حروراء، قرية بظاهر الكوفة، وهي التي كان ابتداء خروج الخوارج منها. ينظر: الأنساب ٤/ ١٣٤، ومعجم البلدان ٣/ ١٣٨، والفتح ٨/ ٢٧٨.
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه ٨/ ٢٧٨ (كتاب ٦٥ - التفسير، باب ٥ - ﴿قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا﴾ [الكهف ١٠٣]، برقم: ٤٧٢٨).
(٤) قال ابن حجر (ت: ٨٥٢): (ولعل هذا هو السبب في سؤال مُصعَب أباه عن ذلك). الفتح ٨/ ٢٧٨.
(٥) قال الشاطبي (ت: ٧٩٠): (لأن الحرورية جَرَّدوا السيوف على عباد الله، وهو غاية الفساد في الأرض، وذلك كثير من أهل البدع شائع). الاعتصام (ص: ٤٨).

<<  <   >  >>