للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

والاشتراك غالب على أسماء الأعلام؛ نشأت الشبهة) (١)، فقال: (فلم أدرِ ما أُجيبهم به) (٢). فلَمَّا ذكر ذلك لرسول الله ، كشف له رسولُ الله ما التبس عليه، وأبان عن معنى الآية خير بيان، فذكر أنَّ من نُسِبَت إليه مريم ليس بهارون النبي أخي موسى ، وإنما هي عادتهم في التسمية بأسماء أنبيائهم والصالحين منهم. قال ابن تيمية (ت: ٧٢٨): (وهذا من فرط جهلهم، فإنَّ عاقلًا- منهم- لا يخفى عليه أنَّ موسى كان قبل عيسى بسنين كثيرة، وأنَّ مريم أمَّ عيسى ليست أخت موسى وهارون، ولا هو المسيح ابنُ أخت موسى، وليس في من له تمييز- وإن كان من أكذب الناس- من يرى أن يتكلم بمثل هذا الذي يَُضحك عليه به كلَُ من سمعه، فكيف بمن هو أعظم الناس عقلًا وعلمًا ومعرفةً غلبت عقول بني آدم ومعارفهم وعلومهم، حتى استجاب له كلُّ ذي عقلٍ مصدقًا لخبره، مطيعًا لأمره، وذلَّ له، أو خاف منه كلُّ من لم يستجب له، وظهر به من العلم والبيان والهدى والإيمان ما قد ملأ الآفاق، وأشرق به الوجود غاية الإشراق، فكان النصارى الذين سمعوا هذا، لو كان لهم تمييز لعلموا أن مثل هذا الرجل العظيم الذي جاء بالقرآن، لا يخفى عليه أن المسيح ليس هو ابن أخت موسى بن عمران، ولا يتكلم بمثل ذلك) (٣).

* الحكم على الاستدراك:

ليس فيما ذهب إليه نصارى نجران في هذه الشبهة وجهٌ صحيح، لا من سياق النصِّ، ولا من سياق الواقع، فليس في النص ما يشير إلى أن هارون الذي نُسِبَت إليه مريم هو هارون بن عمران، أخو موسى ، وكُلُّ من له أدنى معرِفةٍ بالتاريخ يُدرِكُ ما بينهما من سنين متفاوتةٍ، وأجيالٍ مُتتابعة، ومِمَّا يَدُلُّ على جهلهم وخطئِهم، ما


(١) درء تعارض العقل والنقل ٧/ ٦٩.
(٢) كما في رواية الترمذي في الجامع ٥/ ٣١٥ (٣١٥٥)، والنسائي في الكبرى ٦/ ٣٩٣ (١١٣١٥).
(٣) درء تعارض العقل والنقل ٧/ ٦٨.

<<  <   >  >>