للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

* تحليل الاستدراك:

فهم الرجل من هذه الآية أن من دخل النار لا يخرج منها، ولو كان من المسلمين، فهي عامَّة عنده في كل داخل فيها، واستفاد هذا العموم من لفظ الآية ﴿وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا﴾ [المائدة ٣٧]، أي: أهلها. كما قوَّاه تقديم ضمير الفصل المفيد للتخصيص والتأكيد. فأبطل جابر هذا الفهم، وبين أن هذا الخلود في هذه الآية وما شابهها خاصٌّ بالمشركين، فلا يُخَلَّد أحدٌ من أهل التوحيد في النار، بل يخرجون منها بالشفاعة وغيرها. واستدل على ذلك بسياق الآية قبلها، وأنها في الكفار. وبيَّن للرجل سبب خطئِه في فهم هذه الآية، فقال له: (إنكم تجعلون الخاصَّ عامًّا)، وهذه سِمةُ أهل البدع في فهم نصوص الوحي، وقد كان هذا الرجل على مذهب الخوارج، فرجع عنه بعد جواب جابر .

* الحكم على الاستدراك:

كثيرًا ما جادل الخوارجُ صحابةَ رسول الله ، وكثيرًا ما تصدى الصحابة لشبهاتهم بالكشف والبيان، وممَّن اشتهر بذلك علي بن أبي طالب، وابنُ عباس، وجابرٌ ، وقد سُئِلَ جابر عن كثيرٍ من شبهات الخوارج، واستدلالاتهم في غيرما موقف، ومن هذه المواقف: ما رواه يزيد الفقير (١) قال: (كنت قد شغفني رأيٌ من رأْي الخوارج، فخرجنا في عصابة ذوي عدد، نريد أن نحج ثم نخرج على الناس، قال: فمررنا على المدينة، فإذا جابر بن عبد الله يحدث القوم- جالس إلى سارية- عن رسول الله ، قال: فإذا هو قد ذكر الجَهَنَّمِيِّين، قال: فقلت له: يا صاحب رسول الله، ما هذا الذي تحدثون؟! والله يقول ﴿إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ


(١) يزيد بن صهيب الكوفي، أبو عثمان الفقير؛ لأنه كان يشكو من فقار ظهره، ثقة. ينظر: الكاشف ٣/ ٢٨٠، والتقريب (ص: ١٠٧٧).

<<  <   >  >>