للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

* تحليل الاستدراك:

نفى مجاهد (ت: ١٠٤) أن يكون المُراد بالغمام في الآية: السحاب، ومن فَسَّرَه بالسحاب اعتمد على اللغة، فالسحاب أشهر معاني الغمام وأظهرها، والمُتبادر منها.

وذهب إلى أن المُراد به الغمام الذي يأتي الله فيه يوم القيامة، وهو الوارد في قوله تعالى ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلائِكَةُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأمُورُ﴾ [البقرة ٢١٠]، فحمل الغمام في الآية الأولى على معناه في الآية الثانية، وهو عنده أبيض رقيق غير سحاب المطر، بل أطيب منه وأرق وأصفى (١). وكان ذلك من تمام نعمة الله عليهم، ولم يكن إلا لهم.

* الحكم على الاستدراك:

الغَمُّ في أصل اللغة: الستر والإطباق (٢)، قال ابن جرير (ت: ٣١٠): (الغمام جمع غمامة، كما السحاب جمع سحابة، والغمام هو: ما غَمَّ السماء فألبسها، من سحاب وقتام وغير ذلك ممَّا يسترها عن أعيُنِ الناظرين، وكُلُّ مُغَطَّى فإن العرب تُسَميه مغمومًا) (٣). وأشهر معاني الغمام وأظهرها: السحاب (٤)، قال صاحب كتاب "العين": (الغَمامُ: السحاب، والقطعةُ: غَمَامَة) (٥).

وحيثُ كان الغمام بمعنى السحاب هو المُتبادر، فهو الأرجح من معناه في هذه الآية، وبه فسرها ابنُ عمر، وابن عباس ، والربيع بن أنس (ت: ١٣٩)، وأبو مجلز (ت: ١٠٦)، والضحاك (ت: ١٠٥)، والحسن (ت: ١١٠)، وقتادة (ت: ١١٧)،


(١) ينظر: الكشف والبيان ١/ ٢٠٠، والمحرر الوجيز ١/ ١٤٨.
(٢) ينظر: جمهرة اللغة ١/ ١٦٠، ومقاييس اللغة ٢/ ٢٩٥، والمفردات (ص: ٦١٣).
(٣) جامع البيان ١/ ٤١٨.
(٤) ينظر: تفسير غريب القرآن (ص: ٤٩)، وتهذيب اللغة ٨/ ٢٨، والصحاح ٥/ ١٩٩٨.
(٥) كتاب العين ٣/ ٢٩٣.

<<  <   >  >>