للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكَبَّرَ للرُّؤيا وهَشَّ فؤادُهُ … وبَشَّرَ قَلبًا كَانَ جَمًّا بَلابِلُه

وقال الآخر (١):

ورُؤياكَ أحْلَى في العُيُون مِنَ الغَمْضِ

قال ابن الجوزي (ت: ٥٩٧): (قال ابن الأنباري: لا فرق بين أن يقول القائل: رأيت فلانًا رؤية، ورأيته رؤيا، إلا أن الرؤية يَقلُّ استعمالها في المنام، والرؤيا يكثر استعمالها في المنام، ويجوز كل واحد منهما في المعنيين) (٢)، وقال السمعاني (ت: ٤٨٩): (ذِكرُ الرؤيا بمعنى الرؤية هاهنا يجوز؛ لأنهُما أُخِذا من معنىً واحد) (٣).

ومن قال أن "الرؤيا" في الآية هي رؤيا منام، اعتمد على أنه الأكثر في استعمال هذه الكلمة، كما أن الإسراء بالنبي كان منامًا في رأيهم.

* الحكم على الاستدراك:

القول في هذه الآية مبنيٌّ على القول في إسراء النبي كيف كان؟

فجمهور السلف والخلف، من الفقهاء والمحدثين، على أنه أُسريَ بجسده وروحه ، يقظةً لا منامًا (٤). ويُنسَبُ إلى أم المؤمنين عائشة، ومعاوية بن أبي سفيان ، أنه أُسريَ به منامًا، وأنَّ الرؤيا الواردة في الآية رؤيا منام (٥). واستُدِلَّ


(١) أبو الطيب المُتنبي، والبيت مطلع قصيدة في مدح بدر بن عمار، وصدر البيت في ديوانه ٢/ ٢١٩:
مضى الليل، والفضل الذي لك لا يمضي
(٢) زاد المسير (ص: ٨١٩)، وينظر: الزاهر، لابن الأنباري ٢/ ١٩٤.
(٣) تفسير القرآن ٣/ ٢٥٤، وينظر: معالم التنْزيل ٥/ ١٠٣.
(٤) ينظر: تهذيب الآثار ١/ ٤٥٣، وشرح النووي على مسلم ١/ ٣٥٧، والبداية والنهاية ٣/ ٩١، وفتح الباري ٧/ ٢٣٧.
(٥) نسبه إليهما ابن إسحاق في السيرة. ينظر: سيرة ابن هشام ١/ ٣٩٩. ولا تصح هذه النسبة عن عائشة ؛ للجهالة في رواية ابن إسحاق، ولأنه رُوي عن عائشة ومعاوية ما يوافق قول ابن عباس في الآية، كما سيأتي. ووَجَّهَ ابن كثير قول عائشة هذا إلى ما يوافق قول الجمهور. ينظر: البداية والنهاية ٣/ ٩٢. ويُنسَب هذا القول إلى طوائف من أهل البدع؛ من المعتزلة وغيرهم. ينظر: الرسالة الوافية (ص: ٣٣).

<<  <   >  >>