للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

* الحكم على الاستدراك:

لقد كان من عادة الصحابة أن يسألوا رسول الله عمَّا أشكل عليهم من فهم كلام الله تعالى، فيكشف لهم عن وجهه، ويبيّن لهم معناه، وهذا من أنواع البيان النبوي للقرآن الكريم (١) كما سبق، ومن ذلك ما أشكل على عائشة في هذه الآية، بناءً على المعنى العام للمحاسبة، وكذلك ورود الوصف للحساب في أحد نوعيه يوم القيامة بأنه يسير، فجاء التفسير النبوي للحساب اليسير مُزيلًا للإشكال، فخصص المعنى العام، وأوضح المُراد بالحساب اليسير.

وقد وجب الأخذ بهذا البيان النبوي، وهو ما فَسَّرَت به عائشة هذه الآية حيث قالت: (يُعَرَّف ذنوبه، ثم يُتَجاوَز له عنها) (٢)، واستقر عليه تفسير المفسرين بعد ذلك، قال ابن جرير (ت: ٣١٠): (﴿فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا﴾ [الانشقاق ٨] بأن يُنظَر في أعماله، فيُغفَر له سيّئها، ويُجازَى على حَسَنها، وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل، وجاء الخبر عن رسول الله (٣)، واختاره النحاس (ت: ٣٣٨)، وابن أبي زمنين (٤) (ت: ٣٩٩)، والثعلبي (ت: ٤٢٧)، والواحدي (٥) (ت: ٤٦٨) ونسبه للمفسرين، والسمعاني (٦)


(١) ينظر: الصواعق المرسلة ٣/ ١٠٥٢، وقواعد التفسير ١/ ١٣٥.
(٢) عزاه السيوطي في الدر ٨/ ٤١٩ لابن المنذر.
(٣) جامع البيان ٣٠/ ١٤٥.
(٤) محمد بن عبد الله بن عيسى المري، أبو عبد الله الألبيري المالكي، المعروف بابن أبي زمنين، محدث مفسر، اختصر تفسير يحيى بن سلام، وله: أصول السنة، توفي سنة (٣٩٩). ينظر: السير ١٧/ ١٨٨، وشذرات الذهب ٤/ ٥٢١.
(٥) علي بن أحمد بن محمد الواحدي النيسابوري الشافعي، إمام النحو واللغة والتفسير، أَلَّفَ: المحيط، والوسيط، والوجيز، في التفسير، وكذا أسباب النُّزول، توفي سنة (٤٦٨). ينظر: معجم الأدباء ٤/ ١٦٥٩، والسير ١٨/ ٣٣٩.
(٦) منصور بن محمد بن عبد الجبار المروزي السمعاني التميمي، أبو المظفر الحنفي ثم الشافعي، إمام فقيه محدث، صَنَّفَ تفسير القرآن، ومنهاج أهل السنة، توفي سنة (٤٨٩). ينظر: السير ١٩/ ١١٤، وطبقات الشافعية الكبرى ٥/ ٥٤٦.

<<  <   >  >>