للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال تعالى ﴿فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ﴾ [الماعون ٤]، وليس الوعيد هنا لأهل الصلاة قَطعًا، ولا للمُصَلين كما أمر الله تعالى، وإنما هو لمن يصلي ويترك، أو لمن يصلي على غير ما أمر الله تعالى وشرع. ولِحاقُ الآية يشهد لكلا المعنيين، فقوله تعالى ﴿الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ﴾ [الماعون ٦]، وَصفٌ لأهل الرياء الذين يصلون مع الناس، ويتركونَها في خلوتهم، قال تعالى عن المنافقين ﴿وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلاَّ قَلِيلًا﴾ [النساء ١٤٢] (١). وكذا يصلح وصفًا لمن لا يقيم صلاته كما أمر الله تعالى، وإنما يراقب الخلق في عمله، فينصرف قلبه عن صلاته، فيسهو فيها.

ورَدَّ سعدٌ هذين المعنيين، وحَمَل المعنى على تأخير الصلاة عن وقتها، وهو معنىً صحيحٌ في اللغة، مقبولٌ في سباق الآية ولحاقها، فهم مصلون كما في الآية قبلها، ولكنهم عن وقتها ساهون ومؤخرون، قال تعالى ﴿فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا﴾ [مريم ٥٩] (٢)، وهو حال المنافقين المرائين، كما في قوله عنهم: (تلك صلاة المنافق؛ يجلس يرقُبُ الشمسَ حتى إذا كانت بين قرني الشيطان قام فنقرها أربعًا، لا يذكر الله فيها إلا قليلًا) (٣).

* الحكم على الاستدراك:

ذهب ابن عباس (٤)، ومجاهد (ت: ١٠٤) (٥)، وعكرمة (ت: ١٠٥)، والضحاك (ت: ١٠٥)، والقُرَظي (ت: ١٠٨)، والحسن (ت: ١١٠)، وابن زيد (ت: ١٨٢) (٦)، إلى


(١) ينظر: الكشف والبيان ١٠/ ٣٠٥.
(٢) ينظر: الجامع لأحكام القرآن ٢٠/ ١٤٤.
(٣) أخرجه مسلم في صحيحه ٢/ ٢٦٥ (٦٢٢)، وينظر: تفسير ابن رجب ٢/ ٦٣٧.
(٤) من طريق ابن أبي طلحة، والعوفيين. ينظر: جامع البيان ٣٠/ ٤٠٢.
(٥) من طريق ابن أبي نجيح. ينظر: جامع البيان ٣٠/ ٤٠٣.
(٦) تفسير مجاهد ٢/ ٧٨٨، وتفسير ابن وهب ١/ ٥٣، وتعظيم قدر الصلاة ١/ ١٢٦، والكشف والبيان ١٠/ ٣٠٥.

<<  <   >  >>