للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

بعدها يدلك على ذلك. قال: ثم سألت حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس (١)، فقال لي مثل ما قال صالح: هل سألت أحدًا؟ فأخبرني به. قلت: إني قد سألت زيد بن أسلم، وصالح بن كيسان. فقال لي: ما قالا لك؟ قلت: بل تخبرني بقولك. قال: لأخبرنك بقولي. فأخبرته بالذي قالا لي. قال: فإنِّي أُخَالفهما جميعًا، يريد بها البر والفاجر، قال الله ﴿وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ﴾ [ق ١٩]، ﴿لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ﴾ [ق ٢٢]، قال: فانكشف الغطاء عن البر والفاجر، فرأى كلٌّ ما يصير إليه) (٢).

* تحليل الاستدراك:

ذهب زيدُ بن أسلم (ت: ١٣٦) إلى أن المعنيَّ بِهذه الآيات: رسولَ الله . واعتمد في ذلك التعيين على خطاب الواحد المذكور قبل في قوله تعالى ﴿وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ﴾ [ق ١٩]، وكذا الوارد في قوله ﴿لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ﴾ [ق ٢٢]. وقد بَيَّن زيد (ت: ١٣٦) لسائله- لَمَّا رآه مُنكِرًا قولَه- أن لا غضاضة في كلِّ ذلك على رسول الله ، وأن ذلك مثل قول الله ﷿ له ﴿أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى (٦) وَوَجَدَكَ ضَالًا فَهَدَى﴾ [الضحى ٦ - ٧]. فالآية الأولى في بيان حالٍ تحيدُ عنها كل نفس لشِدَّتِها (٣)، وقد كان يُكَرِّرُ عند موته: (لا إله إلا الله، إن للموت سَكَرات، اللهم هَوِّن عليَّ سكراتِ الموت) (٤)، وقال لابنته فاطمة


(١) الحسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس بن عبد المطلب الهاشمي، تابعيٌّ مدنيّ، مات سنة (١٤١). ينظر: الكاشف ١/ ٢٣١، وتهذيب التهذيب ١/ ٤٢٤.
(٢) أخرجه ابن وهب في تفسيره ٢/ ١٢٦ (٢٥٠)، وابن جرير في تفسيره ٢٦/ ٢٠٩ (٢٤٧٠٠). من طريق ابن وهب، عن يعقوب بن عبد الرحمن.
وإسناده صحيح.
(٣) ينظر: الجامع لأحكام القرآن ١٧/ ١٠.
(٤) أخرجه البخاري في صحيحه ٧/ ٧٥٠ (٤٤٤٩)، والترمذي في جامعه ٣/ ٣٠٨ (٩٧٨).

<<  <   >  >>