للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٩] ﴿يَاأُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا﴾ [مريم ٢٨].

عن المغيرة بن شعبة قال: بعثني رسول الله إلى أهل نجران (١) فقالوا: أرأيت ما تقرؤون ﴿يَاأُخْتَ هَارُونَ﴾ [مريم ٢٨] وموسى قبل عيسى بكذا وكذا؟ قال: فرجعت فذكرت ذلك لرسول الله فقال: (ألا أخبرتهم أنهم كانوا يسمون بالأنبياء والصالحين قبلهم) (٢).

* تحليل الاستدراك:

كان اليهود والنصارى يعارضون الإسلام بما لا يصلح للمعارضة، ويقدحون في القرآن بأدنى شبهة، ويخاطبون بذلك من أسلم (٣)، و منه هذه الشبهة التي ألقوها على المغيرة ، حيث زعموا فيها مُعارضة القرآن للواقع؛ إذ نسبَ مريم بنت عمران أمَّ عيسى أُختًا لهارون بن عمران أخي موسى ، وهذا منهم جهلٌ مُفرط، حَمَلَهُم عليه إرادة القدح في القرآن، وإثارة المُتشابه للصَّدِّ عن سبيل الله، قال ابن القيم (ت: ٧٥١): (وأَوْرَدَ أهل الكتاب على قوله ﴿يَاأُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ﴾ [مريم ٢٨]، إن بين هارون وعيسى ما بينهما، وليس ظاهر القرآن أنه هارون بن عمران بوجه؛ وكانوا يتفنَّنُون فيما يُوردونه على القرآن) (٤). وأمَّا المغيرة فإنه (لمَاَّ اتفق أن مريم هذه بنت عمران، وذانك موسى وهارون ابنا عمران، فكان لفظ عمران فيه اشتراك،


(١) نَجْران بالفتح ثم السكون، وادٍ في جنوب جزيرة العرب، من مخاليف اليمن من ناحية مكة، سكنه بنو الحارث بن كعب، وأسلموا وقدم وفدهم سنة عشر من الهجرة، وكان غيرهم من أهل نجران على النصرانية، وفيهم كانت المباهلة، ومفتتح آل عمران إلى ثمانين آية منها. ينظر: الكامل في التاريخ ٢/ ١٦٢، ومعجم البلدان ٥/ ٢٦٦.
(٢) أخرجه مسلم في صحيحه ٥/ ٢٩٧ (كتاب ٣٨ - الأدب، باب ٢ - الأسماء المكروهة، برقم: ٢١٣٥).
(٣) ينظر: درء تعارض العقل والنقل ٧/ ٦٨، والجواب الصحيح ١/ ٢٢٩.
(٤) الصواعق المرسلة ١/ ٢٤٢.

<<  <   >  >>