للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

* الحكم على الاستدراك:

إن عِلْمَ ابن مسعود الهُذَلي بلغة العرب، ودقيق معاني ألفاظها، مِمَّا لا يخفى على مُطالعٍ لعلمه وسيرته، وقد فَرَّق هنا بين البخل والشُّح، وهذا التفريق صحيحٌ موجود في كلام العرب، فلكُلِّ لفظ في كلامهم معنىً ينفرد به عن الآخر، وإن تقارب المعنيان وتشاكلا في استعمال الناس. قال صاحب كتاب "العين": (الشُّحُّ: البخل، وهو الحرص) (١)، وقال الأصمعي (٢) (ت: ٢١٦): (رجلٌ شحيحٌ: إذا كان مع شِدَّة بُخلِه حريصًا) (٣)، وقال النحاس (ت: ٣٣٨): (والمعروف في كلام العرب أن الشُّحَّ أَزْيَدُ من البخل، وأنه يُقال: شَحَّ فلانٌ يَشِحُّ، إذا اشتدَّ بُخلُه، ومنع فضل ماله، كما قال (٤):

ترى اللَّحِزَ (٥) الشَّحِيحَ إذا أُمِرَّت … علَيه لِمَالِه فيها مُهِينا) (٦).

وفي الجمع بين هذه التعاريف يقول ابن فارس (ت: ٣٩٥): (الشِّين والحاءُ الأصل فيه المنع، ثم يكون منعًا مع حرص. من ذلك الشُّحُّ، وهو: البخل مع حرص) (٧).


(١) / ٣١١. ومثله في: تهذيب اللغة ٣/ ٢٥٥.
(٢) عبد الملك بن قريب الأصمعي، إمام اللغة والغريب، أخذ عن أبي عمرو، وصَنَّف: غريب القرآن، والفَرْق، والأضداد، وغيرها، توفي سنة (٢١٦). ينظر: أخبار النحويين البصريين (ص: ٧٢)، وبغية الوعاة (ص: ١١٢).
(٣) بواسطة: فقه اللغة وسر العربية (ص: ١٨٤). وهو تعريف الثعالبي كذلك. ينظر: (ص: ٦١).
(٤) القائل عمرو بن كلثوم. ينظر: ديوانه (ص: ٥٢).
(٥) من مراتب البخل، ونقل الثعالبي عن أبي عمرو أنه: ضيق النَّفْس مع شِدَّة البخل. ينظر: فقه اللغة (ص: ١٨٤). ومعنى البيت: ترى ضَيِّق الصَّدر البخيل مُهينًا لماله فيها- أي: الخمر- إذا أُمِرَّت عليه.
(٦) إعراب القرآن ٤/ ٢٦٢.
(٧) مقاييس اللغة ١/ ٦٠٩. وينظر: الصَّحاح ١/ ٣٧٨، والزاهر، لابن الأنباري ٢/ ٧١، والفروق اللغوية (ص: ٢٠٠).

<<  <   >  >>