للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأما قول الحسن (ت: ١١٠)، فقد وصفه ابن حجر (ت: ٨٥٢) بالشذوذ (١)، وقد تراجع عنه الحسن إلى القول الثاني (٢)، وهو ظاهر جوابه لحميد وخالد بن صفوان.

والقراءة السبعية المذكورة في هذا القول مُحتَمِلَةٌ لكلا المعنيين، إذ يصح أن يُرادَ بها جبريلُ في كلا الوجهين: ﴿مِنْ تَحْتِهَا﴾ [مريم ٢٤]، و ﴿مِنْ تَحْتِهَا﴾ [مريم ٢٤]، أي: من مكان أخفض منها (٣)، ويشهد له قوله تعالى ﴿جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ﴾ [المؤمنون ٥٠]. وأما قول ابن زيد (ت: ١٨٢): (لو كان النهر لكان إنما يكون إلى جنبها، ولا يكون النهر تحتها) (٤)، فيُجاب عنه بالآية السابقة وأن مريم كانت على ربوة (٥)، والمراد أسفل من مكانها، ومثله قوله تعالى ﴿جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ﴾ [التوبة ٧٢]، وقوله حكايةً عن فرعون ﴿أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي﴾ [الزخرف ٥١]. (٦)

ومن مسائل هذا الاستدراك اعتماد السلف على السياق في بيان المعنى، فقد ذكر السمرقندي (ت: ٣٧٥) أن حميدًا لَمَّا أنكر قولَ الحسن (ت: ١١٠) قال: ألا ترى أنه قال ﴿فَكُلِي وَاشْرَبِي﴾ [مريم ٢٦]؟. (٧)

* * *


(١) فتح الباري ٦/ ٥٥٣.
(٢) كما ذكره الزجاج، وابن الأنباري. ينظر: معاني القرآن وإعرابه ٣/ ٣٢٥، وزاد المسير (ص: ٨٨٢)، والتفسير الكبير ٢١/ ١٧٥.
(٣) وهو اختيار ابن عباس ، وعلقمة (ت: ٦٢)، وعمرو بن ميمون (ت: ٧٤)، وسعيد بن جبير (ت: ٩٥)، والضحاك (ت: ١٠٥)، وقتادة (ت: ١١٧)، والسدي (ت: ١٢٨)، واستظهره القرطبي (ت: ٦٧١). ينظر: حجة القراءات (ص: ٤٤١)، وشرح الهداية ٢/ ٤١٠، والجامع لأحكام القرآن ١١/ ٦٤، وتفسير ابن كثير ٥/ ٢٢١٦.
(٤) جامع البيان ١٦/ ٨٩ (١٧٨٢١).
(٥) ينظر: التفسير الكبير ٢١/ ١٧٥.
(٦) ينظر: الكشاف ٣/ ١٢.
(٧) بحر العلوم ٢/ ٣٢٢.

<<  <   >  >>