للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

بن مُحَكِّم الأباضي (١) في تفسيره المختصر من تفسير ابن سلاَّم (ت: ٢٠٠)، عند آية النور هذه: (أي: العاصون، وليس بفسق الشرك، ولكن فسق النفاق، وهي كبيرة من الكبائر الموبقات) (٢)، ومع أن الأصل في المُختَصِر تقليل عبارة الأصل، إلا أن التصرف في عبارة صاحب الأصل وتحويرها (٣)، حمَلَ المُختَصِر على إقحام عبارة: (فسق النفاق) في وصف صاحب الكبيرة هنا، لتوافق رأيه، وتُبين مذهبه. (٤)

[ومن مسائل هذا الاستدراك]

أولًا: إن معرفة واقع المفسر له أثرٌ جليل في معرفة وجه اختياره ومأخذ تفسيره، وهذا جليٌّ جدًا في تفاسير السلف واختياراتهم، وقد مضت الإشارة إلى ذلك والتمثيل له (٥)، ومن ذلك تخصيص ابنُ سلاَّم (ت: ٢٠٠) قولَ الخوارج والأباضية بالرد في هذه الآية، وإن لم يكن قولًا معروفًا أو مذكورًا عند أهل السنة؛ لكن لآثارهم السياسية


(١) هود بن مُحَكِّم الهواري الأوراسي، مفسر من علماء الأباضية، عاش في القرن الثالث الهجري، وصنف: تفسير القرآن العزيز. مُختَصِرًا فيه تفسير يحيى بن سلاَّم. ينظر: معجم المفسرين ٢/ ٧١٣، ومقدمة محقق تفسيره ١/ ٤٢.
(٢) تفسير كتاب الله العزيز ٣/ ١٦٢.
(٣) كثيرًا ما يُقحم المؤلفُ نحو هذه المصطلحات العقدية الأباضية في ثنايا كلام ابن سلاَّم، وقد أشار محقق هذا التفسير: بالحاج بن سعيد شريفي- أباضي- إلى ذلك في مقدمة تحقيقه، وينظر: التفسير والمفسرون في غرب أفريقيا ٢/ ٨١٠، ويتضح ذلك جليًا بمقارنه اختصاره باختصار ابن أبي زمنين في هذه الآية وغيرها من المواضع.
(٤) وقال ابن أطفيِّش الأباضي (ت: ١٣٣٢) عند هذه الآية: (الفاسقون أي: الفاعلون لكبيرة نفاق عظيمة). هِميان الزاد ١١/ ٢١٨.
(٥) ينظر: الاستدراك رقم (٤١) (ص: ٢٢٩ - ٢٣٠).

<<  <   >  >>