للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

* تحليل الاستدراك:

استقر عند يعلى وعمر نفيُ الجُناح عن قصر الصلاة في السفر حال الخوف؛ أخذًا بمنطوق (١) الآية، وليس هذا محل الإشكال عندهما ، وإنما أشكل عليهما مفهوم (٢) الآية، وهو القصر في السفر حالَ الأمن، وعملُ الناس به مع أنّه لم يُذكر في نصّ الآية، قال ابن تيمية (ت: ٧٢٨): (فإن المُتَعجِّب- وهما عمر ويعلى- ظَنَّ أنّ القصر مطلقًا مشروط بعدم الأمن، فبينت السنة أن القصر نوعان، كلُّ نوع له شرط) (٣). ومُعتَمَدُهُما في هذا الفهم، الأخذ بما نطقت به الآية ودَلَّت عليه، وهو اشتراط الخوف في القصر، ثم أخذُهُما بمفهوم الآية وهو انتفاء القصر حال الأمن، قال الطوفي (٤) (ت: ٧١٦): (ووجهه- أي حجيّة مفهوم الشرط- أن هذا الرجل العربي- يعلى بن أميّة فهم من تعليق جواز قصر الصلاة على الخوف انتفاءه عند انتفاء الخوف، وكذلك عمر بن الخطاب فهم ذلك، فأقرَّهما النبي على فهمهما، ثم بيَّنَ لهما أن انتفاء الجواز عند الانتفاء إنما هو من جهةٍ أُخرى، وهي الصدقة عليهم، والتخفيف عنهم، ولولا أن المفهوم المذكور حجة لما فَهِماه، ولمَا أقرَّهما النبي على فهمهما إيَّاه) (٥)، كما أن القصر الذي فهماه من


(١) المنطوق هو: ما دلَّ عليه اللفظُ في محل النطق، فهو المعنى المُستَفاد من اللفظ من حيث النطق به. ينظر: المسودة ٢/ ٦٧٣، والبحر المحيط في الأصول ٣/ ٨٨، ومذكرة أصول الفقه (ص: ٤١٥).
(٢) المفهوم هو: ما دلَّ عليه اللفظ لا في محلِّ النطق، فهو المعنى المُستَفاد من حيث السكوت الّلازم للَّفظ. ينظر: الإحكام في أصول الأحكام، للآمدي ١/ ٣١٥، والبحر المحيط في الأصول ٣/ ٨٨، ومذكرة أصول الفقه (ص: ٤١٥).
(٣) مجموع الفتاوى ٢٢/ ٥٤٣.
(٤) سليمان بن عبد القوي بن عبد الكريم الطوفي، أبو الربيع نجم الدين الحنبلي، أصولي نحوي مفسر، صنف الإكسير في قواعد التفسير، والإشارات الإلهية، توفي سنة (٧١٦). ينظر: ذيل طبقات الحنابلة ٢/ ٣٠٢، وبغية الوعاة ١/ ٥٩٩.
(٥) الإشارات الإلهية ٢/ ٤١.

<<  <   >  >>