للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

أولًا: الاستدراكات النبوية

[١] ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُّهْتَدُونَ﴾ [الأنعام ٨٢].

عن عبد الله بن مسعود قال: لما نزلت هذه الآية ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُّهْتَدُونَ﴾ [الأنعام ٨٢]، شق ذلك على أصحاب رسول الله وقالوا: وأيُّنا لم يظلم نفسه؟ فقال النبي : (ليس بذلك- وفي لفظ: ليس كما تظنون- ألم تسمعوا ما قال العبد الصالح: ﴿إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ [لقمان ١٣]، إنما هو الشرك) (١).

* تحليل الاستدراك:

القول الأول الذي ذهب إليه الصحابة في فهم الآية هو عموم الظلم؛ الذي يشمل جميع مراتبه من أعلاها وهو الشرك، حتى أدناها وهي الصغائر، وكلها ظلم للنفس، فصار المعنى عندهم : أن من وقع في ظلمٍ لنفسه ولو بصغائر الذنوب التي لا يسلم منها أحد- إلا من عصم الله-؛ فقد حُرِمَ الأمن والاهتداء الموعود بهما من سلم إيمانه من أن يُخالطه أيّ ظلم كان (٢).

ومرتكز هذا الفهم من الصحابة هو الأصل اللغوي لكلمة الظلم في سياقها العام، فإن أصل الظلم في لغة العرب: وضع الشيء في غير موضعه (٣). وهم أهل اللسان والبيان، وبه نزل القرآن، فلذلك شَقَّ عليهم ،


(١) أخرجه البخاري في صحيحه ١/ ١٠٩، (كتاب ٢ - الإيمان، باب ٢٣ - ظلم دون ظلم، برقم: ٣٢)، ومسلم في صحيحه ١/ ٣٠٧، (كتاب ١ - الإيمان، باب ٥٦ - صدق الإيمان وإخلاصه، برقم: ١٢٤).
(٢) شرح النووي على مسلم ١/ ٣٠٨، وعمدة الحفاظ ٣/ ١١.
(٣) ينظر: مقاييس اللغة ٢/ ٩٩، والقاموس المحيط (ص: ١٠٢٢).

<<  <   >  >>