للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

التفسير به، ومع أهمية اللغة في التفسير، وكونها شَرطًا فيه بلا خِلاف؛ إلا أنها بعضُ عُدَّةِ المُفَسِّرِ وآلاته، والتي منها التفسير النبوي، وأسباب النُّزول، وقصص الآي، وأحوال من نزل فيهم الخطاب، وغير ذلك ممَّا لا بد للمُفَسِّر من الأخذ به، والاعتماد عليه، قال النقاش (ت: ٣٥١): (وعِلْمُ القرآن لا يُدرَكُ دونَ عِلمِ ما أراد الله ﷿، وكيف أنزَلَ؟ وكيف تَعَبَّدَ الله العرب؟ لأن العربَ خُوطِبَت بتعارفها ثُمَّ علمت أشياء بعد التعارف، ولو كان علمُ القرآن يُدرَك باللغة دون التنْزيل والمُراد، لم يكن في العرب أحدٌ أعلمُ به من الأعراب) (١).

* * *

[٣٣] ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة ١٥٨].

عن عروة بن الزبير قال: (قلت لعائشةَ زوجَ النبي ، وأنا يومئذٍ حَدَثٌ: أرأيتِ قولَ الله ﷿ ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا﴾ [البقرة ١٥٨]، فما أرى على أحدٍ شيئًا- وفي لفظ: جُنَاحٌ- ألاَّ يَطَّوَّفَ بهما. قالت عائشة: بئسما قلت يا ابن أختي، لو كانت كما تقول، لكانت: "فلا جُنَاح عليه ألاَّ يَطّوَّفَ بِهِما". إنما أُنزِلت هذه الآية في الأنصار، كانوا إذا أَهَلُّوا لِمَنَاةَ (٢) في الجاهلية، لا يَحِلُّ لهم أن يطَّوَّفُوا بين الصفا والمروة، فلما جاء الإسلام كرهوا أن يَطَّوَّفُوا بينهما؛ للَّذي كانوا يصنعون في الجاهلية، فسألوا رسولَ الله عن ذلك، فأنزل الله ﷿ ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا﴾ [البقرة ١٥٨]، قالت: فطافوا)، وفي


(١) شفاء الصدور (مخطوط، ص: ٢٥).
(٢) مَنَاة: من أصنام الجاهلية، نصبه عمرو بن لُحَيّ لِهُذيل وغَسَّان، ومن يليهما من الأزد، جِهَةَ المُشلَّل بقُدَيد، وهي قرية جامِعَة بين مَكةَ والمدينة. ينظر: معجم البلدان ٤/ ٣١٣، و ٥/ ١٣٦، وفتح الباري ٣/ ٥٨٣.

<<  <   >  >>