للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

أعمالهم .. ، ويُؤيد صحة هذا التأويل، ما أخرجه مسلم من حديث أم مُبَشّر .. ) ثُمَّ ذكره (١). ومما يدل أيضًا على أنه لا تعارض بينهما، أن ابن مسعود فسَّرَ الورود مَرَّةً بالدخول، ومَرَّةً بالمرور على الصراط (٢)، وممَّن جعلهما قولًا واحدًا: أبو جعفر النحاس (ت: ٣٣٨)، والسمرقندي (ت: ٣٧٥)، والسمعاني (ت: ٤٨٩)، والسيوطي (ت: ٩١١) (٣).

[ومن مسائل هذا الاستدراك]

أولًا: اعتمد بيان رسول الله لهذه الآية على السياق، في مقابل أخذِ حفصة بالعموم، ودلالة السياق من أقوى الدلالات في تبيين المجملات، وترجيح المحتملات، وتقرير الواضحات، ومن ذلك تخصيص العام، كما هو هاهنا، قال ابن دقيقِ العيد (٤) (ت: ٧٠٢): (يجب اعتبار ما دل عليه السياق والقرائن؛ لأن بذلك يتبين مقصود الكلام) (٥)، وقال ابن القيم (ت: ٧٥١)، والزركشي (ت: ٧٩٤) عن السياق: (وهو من أعظم القرائن الدالة على مراد المتكلم، فمن أهمله غلط في نظيره، وغالط في مناظرته) (٦)،


(١) فتح الباري ٣/ ١٤٩.
(٢) جامع البيان ١٦/ ١٣٨، وينظر: تفسير ابن وهب ١/ ١٣٩، ومرويات الإمام أحمد في التفسير ٣/ ١٥٥.
(٣) ينظر: معاني القرآن، للنحاس ٤/ ٣٤٧، وبحر العلوم ٢/ ٣٣٠، وتفسير السمعاني ٣/ ٣٠٧، حيث استدل على أن المراد الدخول بحديث ابن مسعود في المرور على الصراط، ثم جعل المرور على الصراط بعد ذلك قولًا مستقِّلًا. وينظر: الإكليل في استنباط التنْزيل ٣/ ٩٤٤.
(٤) محمد بن علي بن وهب القشيري المصري، أبو الفتح تقي الدين ابن دقيقِ العيد، الشافعي المالكي، الإمام شيخ الإسلام، صنف الإمام، وشَرَحَه، والاقتراح، وغيرها، مات سنة (٧٠٢). ينظر: طبقات الشافعية الكبرى ٩/ ٢٠٧، وشذرات الذهب ٨/ ١١.
(٥) البحر المحيط في الأصول ٢/ ٣٦٧، وينظر: سلاسل الذهب (ص: ٢٧١).
(٦) بدائع الفوائد ٤/ ٩، والبرهان في علوم القرآن ٢/ ٢١٨، ٣/ ٣٠٤،، وكلاهما ناقلٌ عن: الإمام في بيان أدلة الأحكام، للعز بن عبد السلام (ص: ١٥٩)، كما في البحر المحيط للزركشي ٢/ ٣٦٧، ودلالة السياق (ص: ١٤٠). وينظر في أهمية معرفة السياق والترجيح به: الموافقات ٤/ ٢٦٦، والبحر المحيط في الأصول ٢/ ٥١١، وأجوبة العلامة الفقيه أبي عبد الله ابن البقال على أسئلة الفقيه أبي زيد القيسي في حَلِّ إشكالات تتعلق بآيات، (ص: ٤٦، ٤٩)، ضمن مجموع: لقاء العشر الأواخر في المسجد الحرام، رسالة رقم (٦٥)، والأدلة الاستئناسية عند الأصوليين (ص: ٢١٥).

<<  <   >  >>