للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

* تحليل الاستدراك:

فَهِم أبو بكر من هذه الآية العموم، وأن كلَّ سوء يعمله الإنسان في الدنيا سيُجزَى به يوم القيامة، وهو المتبادر من لفظ الآية وظاهرها، ولذلك شَقَّ عليه مشقَّةً عظيمة، وصفها في رواية أخرى بقوله لَمَّا سمع الآية من رسول الله : (فلا أعلم إلا أَنّي قد كنت وجدت انقصامًا (١) في ظهري، فتَمطَّأتُ (٢) لها، فقال رسول الله : ما شأنك يا أبا بكر؟ قلت يا رسول الله بأبي أنت وأُمِّي وأيُّنا لم يعمل سوءًا؟ وإنَّا لَمُجزَون بِمَا عَمِلنا؟) (٣)، بل بلغت هذه المشقّةُ أيضًا مبلغها من صحابة رسول الله ، فعن أبي هريرة قال: (لمَّا نزلت ﴿مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ﴾ [النساء ١٢٣] بلغت من المسلمين مبلغًا شديدًا) (٤)، وفي لفظ: (بكينا وحزِنَّا، وقلنا: يا رسول الله ما أبْقَت هذه الآية من شيء) (٥)، وربما كانت أشد آية في كتاب الله على بعض الصحابة، كما ورد


(١) أي: انكسارًا، ويُروى (انفصامًا) وهو قريب منه، والأوّل مع الإبانة. ينظر: النهاية في غريب الحديث ٣/ ٤٠٥، ٤/ ٦٦، والفروق اللغوية، للعسكري ١٦٩.
(٢) أي: مددت. ينظر: النهاية في غريب الحديث ٣/ ٢٩٠، والقاموس المحيط (ص: ٦١٩).
(٣) ينظر: جامع الترمذي ٥/ ٢٤٨ (٣٠٣٩)، وتفسير ابن أبي حاتم ٤/ ١٠٧١، ومعالم التنْزيل ٢/ ٢٩٠.
(٤) سبق تخريجه في شواهد الاستدراك.
(٥) ينظر: تفسير ابن كثير ٣/ ١٠٢٤، والدر ٢/ ٦٤٧.

<<  <   >  >>