للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[ومن مسائل هذا الاستدراك]

بيانُ أن ما ذهب إليه بعضُ أصحابِ ابن عيينة (ت: ١٩٨) تفريطٌ في فهم المعنى، يُقابلُه إفراطٌ في تحميلِ الآيةِ ما لا تحتمله من المعاني، والحسنةُ بين سيِّئَتين؛ وذلك بتوفيةِ الألفاظ حَقَّها من المعاني بلا زيادةٍ ولا نقص، قال ابن القيم (ت: ٧٥١): (والعلمُ بمرادِ المتكلمِ يُعرَف تارةً من عمومِ لَفظِه، وتارةً من عمومِ عِلَّتِه، والحَوَالَةُ على الأوَّل أوضَحُ لأربابِ الألفاظ، وعلى الثاني أوضحُ لأربابِ المعاني والفهم والتدبر، وقد يعرضُ لكُلٍّ من الفريقين ما يُخِلُّ بمعرفة مُراد المتكلم، فيَعرِضُ لأربابِ الألفاظِ التقصيرُ بها عن عمومها، وهضمُها تارةً، وتحميلُها فوقَ ما أُرِيدَ بها تارةً، ويعرض لأربابِ المعاني فيها نظيرُ ما يعرضُ لأربابِ الألفاظ، فهذه أربعُ آفاتٍ هي منشَأُ غَلَطِ الفريقين)، ثُمَّ مَثَّل لذلك، وقال: (ولهذا كان معرفةُ حدود ما أنزل الله على رسوله أصلُ العلم وقاعدته وآخِيَّتُه التي يَرجَعُ إليها، فلا يُخرِج شيئًا من معاني ألفاظه عنها، ولا يُدخِلُ فيها ما ليس منها، بل يعطيها حقها، ويفهم المراد منها) (١).

* * *

[٧٨] ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾ [المائدة ٥٥].

قيل لأبي جعفر الباقر في هذه الآية: (مَنْ الذين آمنوا؟ قال: الذينَ آمنُوا. وفي لفظ: أصحابُ محمدٍ . قيل له: بلغَنَا أنها نَزَلت في علي بن أبي طالب. قال: عليٌّ من الذين آمنوا) (٢).


(١) إعلام الموقعين ٢/ ٣٨٧.
(٢) أخرجه أبو عبيد القاسم بن سلاَّم، كما في معاني القرآن، للنحاس ٢/ ٣٢٥، وابن جرير في تفسيره ٦/ ٣٨٩ (٩٥٢٢)، وابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١١٦٢ (٦٥٤٧)، والثعلبي في تفسيره ٤/ ٨١، وأبو نعيم في الحلية ٣/ ١٨٥، وابن عساكر في تاريخ دمشق ٥٤/ ٢٩٠، وعزاه السيوطي في الدر ٣/ ٩٩ لعبد بن حميد، وابن المنذر. من طُرُق عن عيسى بن يونس، وهُشيم، ويزيد بن هارون، وعَبدَة بن سليمان، والمحاربي عبد الرحمن بن محمد، عن عبد الملك بن أبي سليمان، به.
وإسناده حسن.

<<  <   >  >>