للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الفصل الثاني

أَثَرُ اسْتِدْرَاكَاتِ السَّلَفِ فِي التَّفْسِيرِ عَلَى عِلْمِ التَّفْسِيرِ

وَفِيهِ تَمْهِيدٌ، وخَمْسَةُ مَبَاحِثٍ:

[تمهيد]

تضمنت الاستدراكات في التفسير أنواعًا متعددةً من علوم التفسير وأصوله، فإن المفسِّر حين يتعرض لقولٍ من الأقوال بالردِّ والتصحيح، إنما ينطلق في ذلك من أصولٍ وقواعدَ تستلزم تقديم قوله واعتباره، وقد يُصَرِّح المُفَسِّرُ بهذه الأصول والقواعد، وقد لا يُصَرِّح بها وإنما تُتَعَرَّف من سياق الموقف ومناسباته، ومن مجموع ردود ذلك المفسِّر واستدراكاته.

وقد احتوت استدراكات السلف في التفسير جُملَةً وافرةً من هذه الأصول والقواعد المنهجية في علم التفسير، وتلمُّس هذه المعارف التفسيرية من تفاسير السلف أولى وأحرى من تلَمُّسِها مِمَّنْ بعدهم؛ فهم أصلُ كلِّ علمٍ نافعٍ، ومن بعدهم إنما يَصدُر عنهم ويَأخذُ منهم، ورُبَّما تتابعَ بعضُ مَنْ بعدهم على ما لم يقولوه، أو فهموا ما لم يريدوه، فأصَّلوا على ذلك أصولًا، وفَرَّعوا علومًا، بعيدةً عن هدي سلفهم، أو مناقضةً له.

فمن ثَمَّ كانت العناية بجمع واستخراج أصول التفسير وقواعده من تفاسير السلف، وعبر استدراكاتِهم فيه، أحد مقاصد هذا البحث، وذلك من خلال صريح عبارتهم أوَّلًا، ثُمَّ بما يؤكدها من ترجيحاتهم واختياراتهم، مُعتمدًا في ذلك على ما سبق دراسته في الباب الأول من الاستدراكات، ثُمَّ بالاستدراكات من غيرها، مقتصرًا من ذلك على بيان أثرها في عَدَّةِ مباحث متنوعةٍ من مباحث أصول التفسير، مِمَّا له علاقةٌ مباشرةٌ بالاستدراكات فيه.

* * *

<<  <   >  >>