للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

* تحليل الاستدراك:

فسر ابن عباس العاديات في هذه الآية بأنها: (الخيل حين تغير في سبيل الله)، ثم زاد السائل مُبيِّنًا معنى الموريات قدحًا، فقال: (ثم تأوي إلى الليل، فيصنعون طعامهم، ويورون نارهم)، أي: المجاهدون عليها في سبيل الله. ومأخذه في ذلك أن هذه الآية نزلت في بَعْثٍ بَعَثَه رسول الله كما سبق في الشواهد (١)، وأكَّدَ ذلك عنده أن الضَّبحَ للخيل، إذ قال: (ما ضبحت دابَّةٌ قط إلا كلبٌ أو فرس) (٢).

وفسر علي العاديات في الآية بأنها الإبل، حين تعدوا من عرفة، إلى مزدلفة، إلى منى. ومستنده في أنها ليست في خيل الجهاد، أنه لم تكن غزوة قبل بدر، وسورة العاديات مكيَّة، ولو كانت في خيل الجهاد فأوّل غزوة كانت في بدر، فهي المرادة، ولم يكن معهم في بدر سوى فرسين، وهذا لا يتناسب مع الأوصاف المجموعة المُفَخَّمة للعاديات في الآيات، فليست إلا في إبل الحاجِّ حين تعدوا من عرفة، ﴿فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا﴾ [العاديات ٤] إلى مزدلفة، وهي: جمع، فهي المراد بقوله ﴿فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا﴾ [العاديات ٥]، ثم إلى منى، وقد يُراد بها الجمع، أي: جمع الحاجّ.


(١) أخرج الواحدي في أسباب النُّزول (ص: ٤٦٣) عن ابن عباس : (أن رسول الله بعث خيلًا فأسهبت شهرًا لم يأته منها خبر فنَزلت ﴿وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا﴾). وعزاه ابن حجر للبزار، والحاكم، وقال: (في إسناده ضعف). ينظر: فتح الباري ٨/ ٥٩٩، وتفسير مقاتل ٣/ ٥١٠.
(٢) أخرجه ابن جرير ٣٠/ ٣٤٦ (٢٩٢٤٠)، وإسناده صحيح، وصححه ابن حجر في الفتح ٨/ ٥٩٩.

<<  <   >  >>