للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

* تحليل الاستدراك:

نفى ابن عباس أن يكون معنى "الرَّفَث" في آية الحج: الجماع، كمعناه في آية الصيام، وذكر أن معناه في آية الحج: العِراب (١)، وفسَّرَه بقوله: (التَّعريضُ بذكر النكاح- وفي لفظ: الجماع-). فلفظ الرَّفَث عنده على أصله في كلام العرب، وهو: قول الفُحش، وكلِّ ما يُسْتَحيا من إظهاره (٢)، قال الراجِزُ (٣):

وَرَبِّ أسْرابِ حَجِيجٍ كُظَّمِ … عن اللَّغَا وَرَفَثِ التَّكَلُّمِ

فَبَيِّنٌ اعتماد ابن عباس على اللغة في اختياره لهذا المعنى، ويدُلُّ عليه من السنة قوله : (إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفثْ، ولا يجهلْ، فإن امرؤ شاتمه أو قاتله، فليَقلْ: إني صائم) (٤)، فالمُراد بالرفث هنا: الكلام الفاحش (٥)، وعن ابن عباس قال: (فرضَ رسول الله زكاةَ الفطر طُهْرَةً للصائم من اللغو والرَّفَث) (٦).

والقول الذي نفاه ابن عباس لمعنى الرَّفَث في الآية، وهو: الجماع، مُعتَمِدٌ كذلك على اللغة، إذ يُطلَق الرَّفَث على الجماع (٧)، وجاء بِهذا المعنى في قوله تعالى ﴿أُحِلَّ


(١) قال الأزهري (ت: ٣٧٠): (التعريب هو: ما قَبُحَ من الكلام، والإعراب عند الأزواج هو: ما يُستَفحَشُ من ألفاظ النكاح والجماع). تهذيب اللغة ٢/ ٢٢٠.
(٢) ينظر: مجاز القرآن ١/ ٧٠، وتهذيب اللغة ١٥/ ٥٨، ومقاييس اللغة ١/ ٤٧٨.
(٣) هو العَجَّاج، والبيت في ديوانه (ص: ٢٣٨).
(٤) أخرجه البخاري في صحيحه ٤/ ١٢٥ (١٨٩٤)، ومسلم في صحيحه ٣/ ٢١٧ (١١٥١).
(٥) ينظر: التفسير الكبير ٥/ ١٤٠، وشرح النووي على مسلم ٣/ ٢١٧، وفتح الباري ٤/ ١٢٦.
(٦) أخرجه أبو داود ٢/ ١١١ (١٦٠٩)، وابن ماجة ١/ ٥٨٥ (١٨٢٧)، والحاكم ١/ ٥٦٨ (١٤٨٨)، والبيهقي ٤/ ١٦٢ (٧٤٨١). وصححه الحاكم، وحسنه النوويُّ، وابنُ قدامة، كما في المجموع ٦/ ٥٥، والمغني ٤/ ٣٢، وإسناده حسن.
(٧) ينظر: العين ٢/ ١٣٥، والصحاح ١/ ٢٨٣، وأساس البلاغة ١/ ٣٦٧.

<<  <   >  >>