للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الإسلام، وحسابهم على الله) (١). ثم بَيَّنَ ابنُ عمر كيف تَأَوَّلَ رسولُ الله هذه الآية بفعله، فقال: (إنما كان رسول الله يقاتل المشركين- وكان الدخول في دينهم فتنة-، وليس يقاتلهم على المُلْك)، فقتال النبي إنما كان لمنع فتنة الدخول في الشرك، والإقامة عليه، وليس قتالًا على المُلْك، فالصورة الواقعة التي ذكرها الرجل، ليست داخِلةً في الآية، ولا يَصِحُّ الاستدلال بها عليها. وممَّا يُؤِيد ما ذهب إليه ابن عمر هنا، أن الآيات في سورة البقرة واردة في مخصوصين، وهم من نَصَبَ العداوة للنبي من أهل مكة، ومن تبعَهم من مشركي العرب، ويعضد ذلك قوله تعالى ﴿وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ﴾ [البقرة ١٩١]، وإنما أخرَجَهم أهل مكة، وهؤلاء ومن تبعهم من مشركي العرب ليس في حَقِّهم إلا الإسلام أو السيف؛ لقوله تعالى ﴿تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ﴾ [الفتح ١٦] (٢)، وأمَّا آية الأنفال؛ فلأنها في عموم الكفار بحسب سياقها ﴿قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنتَهُوا يُغَفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ﴾ [الأنفال ٣٨]، ناسَبَ تأكيدها ب"كل" المفيدة للعموم والإحاطة، وذلك في قوله ﴿وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه﴾ [الأنفال ٣٩]. (٣)

* الحكم على الاستدراك:

جِمَاعُ الفتنة في كلام العرب: الابتلاء، والامتحان، ثُمَّ استُعمِلَت في الإضلال، والإمالة عن القصد، والإحراق، والعذاب، وما يَقَعُ بين الناس من حروب، وغيرها (٤).


(١) أخرجه البخاري في صحيحه ١/ ٩٥ (٢٥)، ومسلم في صحيحه ١/ ١٧١ (٢١).
(٢) ينظر: تفسير مقاتل ١/ ١٠١، والكشف والبيان ٢/ ٨٩، والوسيط ٢/ ٤٥٩، وغرائب التفسير ١/ ٢٠٤، وأحكام أهل الذمة ١/ ٩٥، وروح المعاني ٢/ ٦٤٥.
(٣) ينظر: مَلاكُ التأويل ١/ ٢٦١.
(٤) ينظر: العين ٣/ ٣٠١، وياقوتة الصراط (ص: ١٧٧)، وتهذيب اللغة ١٤/ ٢١١، والصحاح ٦/ ٢١٧٥، ومقاييس اللغة ٢/ ٣٤٠.

<<  <   >  >>