للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

* الحكم على الاستدراك:

لقد كان من عادة الصحابة الأخذ بالظاهر المتبادر من اللفظ (١)، وما دلت عليه لُغَتُهم، حملًا للّفظ على الحقيقة، قال الشاطبي (٢) (ت: ٧٩٠): (ولِمَا كان فيهم- أي الصحابة من حمل العبارة على حقيقتها نَزَلَ ﴿مِنَ الْفَجْرِ﴾ [البقرة ١٨٧]) (٣). وما كان من عَديّ في فهم هذه الآية هو صورة من ذلك، ولذا لا نجد في التصحيح النبوي ما يَمَسُّ هذا الأصل الصحيح الثابت عندهم ، وإنما يتوجَّه التصحيح إلى بيان المجمل، وتذكيرُ من نسي منهم بما به تمام معنى الآية، أو نزول الوحي بما يتضح به المعنى بلا اشتراك.

وقد جاء البيان النبوي في هذه الآية مُزيلًا لكلّ إشكال وإيهام، فوجب اتباعه والأخذ به، وهو ما جرى عليه الأئمة من بعدُ، وعليه جمهور المفسرين (٤)، بل حكى فيه ابنُ عطية (٥) (ت: ٥٤٦) إجماع العلماء (٦).


(١) المُراد بالظاهر هنا وفيما سيأتي: ما يتبادر إلى ذهن المُخَاطَب من المعاني، وليس المُراد بالظاهر: الاصطلاحي عند الأصوليين الذي يُقابِل النَّص. فالمعنى هنا: أن ظواهر النصوص مفهومة عند الصحابة ومعتبرة. ينظر: قانون التأويل (ص: ١٩١)، ومنهج الاستدلال على مسائل الاعتقاد ٢/ ٤٣٧، وعلم المِلَلِ ومناهج العلماء فيه (ص: ٢٢٢)، ومقالات في علوم القرآن وأصول التفسير (ص: ٢٦)، والقرآن الكريم ومنْزلته بين السلف ومخالفيهم ٢/ ٧٣٨.
(٢) إبراهيم بن موسى بن محمد اللخمي الغرناطي، أبو إسحاق الشاطبي، الحافظ المحقق المفسر، من أئمة المالكية، صنف: الموافقات، والاعتصام، وتوفي سنة (٧٩٠). ينظر: شجرة النور الزكية ١/ ٣٣٢، ومعجم المفسرين ١/ ٢٣.
(٣) الموافقات ٢/ ١٤٣، وينظر: أحكام القرآن، للطحاوي ١/ ٦٤.
(٤) ينظر: تفسير مقاتل ١/ ٩٩، وجامع البيان ٢/ ٢٣٩، وأحكام القرآن، للجصاص ١/ ٢٧٧، والكشف والبيان ٢/ ٨٠، وتفسير السمعاني ١/ ١٨٨، ومعالم التنْزيل ١/ ٢٠٨، والمحرر الوجيز ١/ ٢٥٨، وأنوار التنْزيل ١/ ١١٢، والجامع لأحكام القرآن ٢/ ٢١٣، والبحر المحيط ٢/ ٨٥، وتفسير ابن كثير ١/ ٤٧٤.
(٥) عبد الحق بن غالب بن عبد الرحمن بن عطية المحاربي، أبو محمد الأندلسي، القاضي المالكي، إمامٌ لغويٌّ مُفَسِّر مُحَقِّق، صنَّف تفسيره: المحرر الوجيز، توفي سنة (٥٤٦). ينظر: السير ٢٠/ ١٣٣، وشجرة النور الزكية ١/ ١٨٩.
(٦) المحرر الوجيز ١/ ٢٥٨.

<<  <   >  >>