للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قُلتَ ذاك؛ كانَ يشهَدُ إذا غِبنا، ويُؤذَن له إذا حُجِبنا) (١).

* * *

[٣٤] ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ فَإِنِ انتَهَوا فَلَا عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ﴾ [البقرة ١٩٣].

عن سعيد بن جبير قال: (خرج إلينا ابن عمر ونحن نرجوا أن يحدِّثَنَا حديثًا عجيبًا، فبَدرَ إليه رجلٌ (٢) بالمسألة فقال: يا أبا عبد الرحمن، ما يمنعك من القتال والله تعالى يقول ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ﴾ [البقرة ١٩٣] قال: ثكلتك أمك، أتدري ما الفتنة؟ إنما كان رسول الله يقاتل المشركين، وكان الدخول في دينهم فتنة، وليس يقاتلهم على المُلْك) (٣).

* تحليل الاستدراك:

حَمَلَ السائلُ لفظ "الفتنة" في الآية على بعض وجوهها لُغَةً، وهو: ما يَقَعُ بين الناس من حروب وعذاب- كما سيأتي-، واستدلَّ بها على ابن عمر في تركه القتالَ في الفتنة (٤)، فجَعلَ الفتنةَ في الآية مُتناوِلَة لِمَنْ يَخرُج عن طاعةِ الإمام، ثم نَزَّلَ الأمر بالقتال في الآية لِمَنع الفتنةِ على هذه الواقعة. فَعَمَّمَ الرجل معنى الفتنة؛ ليشمَلَ القتال بين المسلمين، كما هو في هذه الصورة.

وأنكر ابنُ عمر هذا الاستدلال، وبين أن المُراد بالفتنة في الآية: الشرك،


(١) أخرجه مسلم في صحيحه ٦/ ١٤ (٢٤٦١).
(٢) اسمُه «حكيم»، كما في رواية أحمد، وابن أبي حاتم. وينظر: فتح الباري ٨/ ٣٢، ١٦٠.
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه ٨/ ١٦٠ (كتاب ٦٥ - التفسير، باب ٥ - ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه﴾ [البقرة ١٩٣]، برقم: ٤٦٥١).
(٤) مُراده: القتال في فتنة عبد الله بن الزبير مع الحجاج، سنة (٧٣). ينظر: البداية والنهاية ٨/ ٢٦٢، والفتح ٨/ ٣٢.

<<  <   >  >>