للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٢٤] ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ﴾ [النصر ١].

عن ابن عباس قال: (كان عمر يدخلني مع أشياخ بدر، فكأن بعضهم وجدَ في نفسه، فقال (١): لِمَ تُدخل هذا معنا ولنا أبناء مثله؟ فقال عمر: إنه مَنْ حيثُ علمتم. فدعاه ذات يومٍ، فأدخله معهم، فما رأيت أنه دعاني يومئذ إلا ليُرِيهم، قال: ما تقولون في قول الله تعالى ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ﴾ [النصر ١] فقال بعضهم: أُمِرنَا نحمدُ اللهَ ونستغفِرُه إذا نَصَرَنَا وفَتَحَ علينا. وسكت بعضهم فلم يقل شيئًا. فقال لي: أكذاك تقول يا ابنَ عباس؟ فقلت: لا. قال: فما تقول؟ قلت: هو أجَلُ رسولِ الله أَعْلَمَه له؛ قال: ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ﴾ [النصر ١]، وذلك علامةُ أَجَلِك ﴿فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا﴾ [النصر ٣]. فقال عمر: ما أعلم منها إلا ما تقول) (٢).

* تحليل الاستدراك:

لَمَّا سأل عمرُ الصحابةَ عن معنى قوله تعالى ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ﴾ [النصر ١] سكت بعضهم، وفَسَّر بعضهم الآية بقوله: (أُمِرنَا نحمدُ اللهَ ونستغفِرُه إذا نَصَرَنَا وفَتَحَ علينا)، وهذا المعنى مأخوذ من ظاهر الآية، وهو المتبادر منها، قال ابن تيمية (ت: ٧٢٨): (وقد كان عمر يسألُ ويسألُ عن معاني الآيات الدقيقة، وقد سألَ أصحابه عن قوله ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ﴾ [النصر ١]، فذكروا ظاهر لفظها) (٣)، وقال الشاطبي (ت: ٧٩٠): (فظاهر هذه السورة أن الله أمر نبيه أن


(١) القائل هو: عبد الرحمن بن عوف ، كما في رواية الترمذي في الجامع ٥/ ٤٥٠ (٣٣٦٢).
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه ٨/ ٦٠٦ (كتاب ٦٥ - التفسير، باب ١١٠ - قوله ﴿فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا﴾ [النصر ٣]، برقم: ٤٩٧٠).
(٣) مجموع الفتاوى ١٦/ ٤١٧.

<<  <   >  >>